ناصر العبدلي: العبث بالدستور

كانت الحكومة طوال السنوات الماضية هي من تعبث بالدستور وتحاول ليّ عنق المواد الدستورية من أجل تمرير ما تريده من مشاريع، حتى ولو كان ذلك على حساب الممارسة البرلمانية الصحيحة، وكان البرلمان هو من يتصدى لها ويعيدها إلى جادة الصواب مرة أخرى من دون ضجيج أو ادعاءات فارغة، لكن كل ذلك تبدل خلال السنوات الخمس الماضية.
الحكومة خلال السنوات الخمس الماضية قلبت الممارسة البرلمانية الصحيحة رأسا على عقب، وتحولت من سلطة تنفيذية يفترض بها التعاون مع بقية السلطات إلى «معول» هدم لكل ذلك التراكم الدستوري الصحيح، ولم يعد لها من هم سوى الحفاظ على موقعها، ولو كان ذلك على حساب البلد وعلى حساب المواطن البسيط.
أخضعتنا تلك الحكومة إلى بدايات التطور الإنساني من خلال نظرية التجربة والخطأ، فأوجدت «أبواقا» شبيهة إلى حد كبير بما لدى الحكومات الشمولية أو حكومات العسكر، وكأننا لسنا في بلد يحكمه دستور منذ عشرات السنين، وكأننا لم نمر بمثل ذلك الحراك والتطور الديمقراطي منذ عشرينيات القرن الماضي، فكانت النتائج كارثية على كل الأصعدة، فتارة تتحالف مع اليمين وتارة أخرى تتحالف مع اليسار، وتارة ثالثة تقذف بالجميع عرض الحائط وتخلق تحالفات وهمية لا وجود لها.
بعد كل ذلك التعثر، أجبرت حكمة سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد تلك الحكومة البائسة على الرحيل، وأتت بدلا منها حكومة جديدة برئاسة الشيخ جابر المبارك، وقد عملت الحكومة الجديدة كل جهدها على تنظيف آثار تلك المرحلة البائسة، ونجحت إلى حد كبير، فلم تعد هناك أبواق ولم يعد هناك قبيضة من المال العام، ولم تعد هناك مرتزقة على حساب الوطن والمواطن البسيط، وتوقف مسلسل التحالفات وتبديلها لكنها لم تُمنح الفرصة الكافية.
حكومة الشيخ جابر المبارك تمكنت من إيقاف محاولات العبث بالدستور، والتزمت أجواء التعاون التي يتطلبها النص الدستوري، وعملت على إغلاق كل تلك الثغرات التي تسربت خلالها أجواء التأزيم، لكنها فوجئت بمن يفترض بهم حماية الدستور ينقلبون عليها من أجل مصالح انتخابية، ومن أجل أجندات الصراع على الثروة، مما أدى إلى عرقلة عملها وإضعاف موقفها أمام هجمة «كارتيل» الفساد ممن خسر حظوة سابقة، فمن يتحمل المسؤولية عندها هل هي الحكومة أم غيرها؟!
المصدر جريدة الكويتية

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.