عبداللطيف الدعيج: كيف نحمي شيئاً غير موجود

قرار مجلس القضاء الاعلى بقبول المتقدمات لشغل وظيفة وكيل نيابة، مما يمهد لشغلهن مناصب القضاء، قرار تاريخي يضاف الى حكم المحكمة الدستورية الاخير بابطال حل مجلس الامة. فكلاهما انتصار مهم للنظام الديموقراطي ولقواعد الحكم الدستوري وأصوله في الكويت. بهذه المناسبة نتمنى ان نسمع او نقرأ بيانا للجبهة الوطنية لحماية الدستور يثمن القرار الدستوري لمجلس القضاء ويدعو الى المزيد على هذا الدرب. ومبروك يا بنات.

***

عندنا جماعة، او في الواقع جماعات متخصصة في النواح والضجيج حول حماية الدستور. منذ سنوات، او بالاحرى بعد التحرير مباشرة، برزت دعوات «الحماية»، حماية المال العام، وحماية الدستور. والغريب ان دعوات الحماية، وحماية الدستور بالذات، تصدر دائما من اشخاص عرفوا بعدائهم للحريات السياسية والاجتماعية، ومع هذا فهم يملؤون الدنيا ضجيجا بكل مناسبة لحماية الدستور.

دستورنا الذي يريد الغوغاء من كل الاطراف حمايته ليس مطبقا. بل هو مختطف، سياسيا من قبل السلطة، واجتماعيا من قبل مجاميع التخلف، وبشكل عام من قبل الطرفين. الحماية التي يطنطن بها البعض هي حماية اعضاء مجلس الامة. حصانتهم الشخصية وواجباتهم الرقابية، اما حقوق الناس فهي كانت ولا تزال مجالا خصبا للعبث من قبل نواب مجلس الامة والمجاميع السياسية ومن قبل السلطة والحكومات المتعاقبة.

ليس لدينا حرية رأي، ولا نتمتع كما كفل دستورنا بحرية التعبير. فكل هذا يخضع لاحكام قوانين التخلف. وقوانين التخلف تقصر الرأي على المديح والشرح، او النقل والوصف. اما النقد واما محاولة نقض «الامر الواقع»، او بالاحرى الرأي السائد، فإنها سب وشتيمة يعاقب عليهما قانون خاص بالاعلام مثلما يعاقب عليهما قانون الجزاء. وحرية التجمع تم ايضا تقييدها بقانون، وعندما ابطلت القانون المحكمة الدستورية فان حماة الدستور من نواب التخلف مع السلطة اتفقوا على تقييد التجمع بساحة الارادة او في الدواوين الخاصة!

حرية العبادة متوافرة لاهل السنة على الاغلب، فهؤلاء من بين خلق الله يتمتعون بكل التسهيلات،. اما بقية المذاهب والاديان فانها محرومة حتى من التكفل ببناء معابدها. حريتنا الشخصية تخضع لعادات وثوابت جماعات التخلف، حيث يدسون انوفهم في كل شيء وفي كل مكان. ويحصون على الناس انفاسهم وطرائق معيشتهم. والامة بشكل عام لا تملك السيادة الحقيقية كما ينص الدستور، فقد عطلت السلطة الجانب او الشق البرلماني من النظام، وابرزت الجانب الرئاسي الذي غطى عليه. حسب مذكرتنا التفسيرية فإن «شعبية الحكم» اي برلمانيته تجد ضماناتها في الحقوق العامة، حاليا.. هذه الحقوق اما مصادرة او موضوعة على الرف.

ليس المطلوب حماية دستورنا، بل المطلوب بالاساس تحريره من قبضة مجاميع التخلف، في السلطة وفي مجلس الامة على حد سواء. المطلوب تطبيق الدستور، وتفعيل مواد الباب الثالث منه المتعلقة بالحقوق والواجبات العامة. لنطبق الدستور.. لندرّسه في مدارسنا ونفعله في معيشتنا ونجعله جزءا اساسيا من حياة الناس.. فهذه هي الطريقة «الجدية» الوحيدة لحمايته.

***

• «.. حوارات التغيير} فكرة رائعة يفترض انها خارج المألوف، للأسف افتتحت بنائبين سابق وحالي.. (كنت ناوي اكتب مقال بهذا الخصوص بس ضاري الجطيلي سبقني بهذه التغريدة). المفروض ان يستلم «الشباب» دفة الحوار ويوجهوا النواب والساسة الذين شاخوا، خصوصا ان بعضهم لا يفقهون ابجديات العمل السياسي، ولكنهم اقتحموا المجال، لا لشيء الا لثقلهم الانتخابي. لكن مع الاسف اتى «الشباب» ليستمع ويوجَّه بدلا من ان يوجِّه ويعرض مطالبه ورؤاه على النواب.

عبداللطيف الدعيج

المصدر جريدة القبس

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.