إبراهيم العوضي: الله يعينّا

أيام قليلة تفصلنا عن موعد جلسة المحكمة الدستورية المتعلقة بالحكم في الطعن المقدم من قبل الحكومة بعدم دستورية قانون الانتخابات والمزمع عقدها بتاريخ 25 سبتمبر الحالي، لننطلق بعدها إلى مرحلة أخرى من مراحل الحياة السياسية الأليمة التي نعيشها ونتعايشها هذه الأيام. فقريبا سنصبح امام خيارات محددة أحلاها مر ومعقد سيدخل من خلالها الدولة في دوامة من الصراعات السياسية التي قد لا تحمد عقباها، هذا طبعا على فرضية أن حكم المحكمة الدستورية سيكون في اتجاه عدم دستورية نظام الدوائر الحالي.
خيارات محددة وواضحة ستكون أمام السلطة ستختلف في منهجها وطريقتها إلا أنها جميعا ستؤول إلى نتيجة حتمية ومتوقعة وهي الصدام مع التيارات والكتل السياسية بأطيافها كافة. فالصراع في هذه القضية لن يكون مع كتلة الغالبية فحسب، بل سيضم كذلك بقية التيارات والتوجهات والطوائف لأن نظام الدوائر القادم سيحدد بطريقة أو بأخرى تشكيلة المجلس وتركيبته السياسية والطائفية والقبلية وسيرسم ملامح الخارطة السياسية على المدى البعيد. فالخيار الأول وهو الأقرب إلى الواقع سيكون من خلال إصدار مرسوم ضرورة وذلك بإعادة تشكيل الدوائر الانتخابية بما يضمن عدالتها ولا شك أن أي تدخل حكومي أيا كان شكله في تغير نظام الدوائر هو انتزاع لحق من حقوق الشعب الذي كفلها الدستور مع الأخذ بعين الاعتبار بأن الشعب هو مصدر السلطات وأن اي تعديل لنظام الدوائر يجب أن يكون من خلال ممثلي الشعب داخل قبة عبدالله السالم وبالتالي فإن أي تغيير للدوائر سيعني بالضرورة صداما واقعا لا محالة مع بعض الكتل والتيارات التي قد لا تتفق مصالحها مع أي تعديل لا يحقق طموحها في التمثيل النيابي داخل المجلس.
أما الخيار الثاني وهو قيام مجلس 2009 المنتهي الصلاحية والمبطل من قبل صاحب السمو والمرفوض شعبيا وسياسيا بتعديل نظام الدوائر الحالي وهو خيار سيواجه برفض شعبي واسع، خصوصا وأن الحكومة الحالية قد أبدت رفضها التعامل مع هذا المجلس الذي اتخذ فيه سمو الأمير قراره التاريخي بحله بعيد تجمعات ساحة الإرادة، وعليه فإن هذا الخيار وإن كان ممكنا إلا انه صعب المنال.
ختاما، أمام الحكومة خيار آخر سيدخل الكويت في دوامة أخرى وهو ان تقوم الحكومة بالدعوة للانتخابات وفقا للنظام الحالي على ان يقوم المجلس القادم بتعديل نظام الدوائر في أولى جلساته يتبع ذلك تقديم الأعضاء استقالاتهم فورا على أن يلي ذلك الدعوة إلى انتخابات جديدة وهو خيار صعب للغاية، خصوصا إذا ما أخذنا بعين الإعتبار ان هذا الخيار يعني مزيداً من التعطيل لهذه المؤسسة نظرا للمدة الزمنية التي يتطلبها مثل هذا الإجراء من خلال الدعوة إلى الانتخابات ومن ثم تشكيل حكومة جديدة ومن بعدها حل المجلس وعقد انتخابات أخرى، وهو ما يعني أننا سنعيش في فراغ تشريعي قد يصل إلى مدة قد تزيد على ستة أشهر أو أكثر، ناهيك عزيزي القارئ عن حجم الخسائر المالية التي قد تتكبدها كل من الدولة والمرشحين لخوض هذه الانتخابات، وهذا طبعا إذا ما سلمنا من عدم حدوث أي طعن قد يبطل المجلس برمته قبل حدوث أي تعديل في النظام الانتخابي.
لا نقول إلا ( الله يعينا على مقبل الأيام )، فالكويت تعاني الكثير ليس فقط بسبب تعطل الحياة السياسية وتوقف مؤسستها التشريعية عن أداء دورها فحسب، بل إن مناحي الحياة كافة قد أصابها الشلل في ظل هذا الفراغ الدستوري، فلا مشاريع تنجز ولا خطط تطبق ولا جامعات أو مستشفيات أو مشاريع سكنية تنفذ ولا خطة تنمية تسير في الاتجاه الصحيح ولا قانون يطبق على الكبير قبل الصغير والخاسر الأوحد هو المواطن، فمتى يستقر حالك يا وطن؟

boadeeb@yahoo.com

المصدر جريدة الراي

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.