خالد الجنفاوي: “الاستخفاف” بمسؤوليات المواطنة الحقة

وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمؤمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ” ( التوبة 105).
أعتقد أن الاستخفاف المتعمد وتجاهل المسؤوليات الاجتماعية, وبخاصة في ما يتعلق بممارسة المواطنة الحقة والصالحة تتناقض مع ما يعلن عنه بعض الأفراد في رغبتهم عيش حياة إنسانية ديمقراطية وعادلة وبناءة. فيصعب مثلاً في عالمنا المعاصر توقع تطور المجتمع الإنساني ما دامت المسؤوليات الاجتماعية للمواطنة الحقة تصبح في آخر سلم أولويات الفرد العادي. ومن هذا المنطلق, فلا سبيل إذاً لتحقق مواطنة هادفة وبناءة, بل لا يمكن تخيل تحقيق الفرد نجاحات توازي ما يملكه من قدرات وإمكانات شخصية إذا لم يلتزم بمسؤولياته الاجتماعية تجاه مجتمعه الذي ينتمي إليه. فمن يستخف بمسؤولياته الوطنية كضرورة حفاظه على هيبة القانون والتزامه بمتطلبات عيش حياة إنسانية معاصرة وسلمية ومدنية ومنظمة لا يمكن له أن ينجح في ربط آماله وتطلعاته الشخصية بما يمكن له تحقيقه في مجتمعه. فالمواطنة الحقة وفق معايير عالمنا المعاصر عملية تبادلية: من يلتزم بأداء واجباته الاجتماعية والوطنية تجاه مجتمعه الوطني ويؤدي ما عليه من مسؤوليات اجتماعية وبخاصة في إصراره على عيش حياة يومية منظمة وواضحة الأهداف يلتزم من خلالها في ممارسة سلوكيات إيجابية وبناءة لا بد له من أن ينجح. ولا بد لهذا المواطن الحق أن يجني ما يتطلع إليه من أمن نفسي وتوافق فعال بين أهدافه الشخصية الإيجابية وبين ما يمكن له قولاً وفعلاً تحقيقه في مجتمعه الذي ينتمي إليه!
على سبيل المثال, يصعب شرعنة شكوى عدم قدرة الفرد العادي على ربط آماله وتطلعاته الشخصية السلمية بما يمكن له تحقيقه في حياته اليومية (مادام هذا الفرد يستخف بمسؤولياته الاجتماعية الأساسية), فمن يرغب فعلاً في عيش حياة إنسانية عصرية تتطابق فيها الآمال الشخصية بما يمكن للفرد حيازته وتحقيقه في حياته اليومية سيرتبط ذلك بشكل مباشر بما سيأتيه من سلوكيات وما سيقدم عليه من تصرفات فعلية. فكيف بمن يمارس سلوكيات سلبية للغاية, وأنانية للغاية, ويستمر يهمل واجباته الوطنية, وبخاصة في ما يتعلق بالتزامه اليومي بالقانون وبالنظامية وبالتعامل البناء مع أعضاء المجتمع الآخرين أن ينقد مجتمعه أو يلوم الناس الآخرين على تأخر ذلك المجتمع! فالإنسان الفرد وعضو المجتمع هو من يصنع طبيعة مجتمعه وهو أيضاً من يضفي على ذلك المجتمع صفات التفكير العملي وأخلاقيات الالتزام المدني.
إذا صلح الفرد صلح المجتمع. فلعل وعسى.
* كاتب كويتي
khaledaljenfawi@yahoo.com

المصدر جريدة السياسة

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.