لمسنا، في المدة الأخيرة، استعادة الصحافة المقروءة في الكويت دورها وتفاعل الناس معها، فيما مرت البلاد بفترة طغى فيها الدور الكبير للقنوات الفضائية من جهة وللمواقع الإلكترونية والمدونات من جهة أخرى.
أجل، عادت الصحافة المكتوبة لتتصدّر، إلى حد كبير، المشهد السياسي وتحاكي الرأي العام بشأن العديد من المواضيع المطروحة على الساحة الداخلية، وكذلك بالنسبة إلى المحيط الإقليمي والأزمات المتلاحقة، ومنها تطورات وتداعيات «الربيع العربي».
بالطبع فهذا لا ينقص من دور وسائل الإعلام (أو الاتصال) الأخرى، لكن الصحافة المكتوبة عندما تستعيد دورها، فإنها تسهم في بلورة الأمور موضع الخلاف، وفي تهدئة التوتر.
وهذا إن لم نأخذ في الاعتبار الخدمة الإخبارية السريعة (خلال ساعات اليوم نفسه)، التي توفرها المواقع الإلكترونية لبعض الصحف اليومية، والتي تضع المتلقي في الصورة، وهو ما يزيد من تأثير الصحافة المكتوبة، ولم تعد القنوات الإخبارية تحتكر الخبر العاجل.
وهناك ظاهرة لا بد من التعامل معها بكل صراحة ومكاشفة: التغريدات على تويتر، وما إلى ذلك من مواقع التواصل الاجتماعي، التي دخلت بقوة في الصراع السياسي الدائر في الكويت وغيرها، وأصبحت تتصدّر «مانشيتات» الصحف.
التغريدة يتم التعامل معها في كثير من الأمور وكأنها القضية الأولى.. قضية رأي عام وعامل أساسي لحسم المواقف.. وهي الشغل الشاغل في الدواوين وفي ردود النواب ومطالبة الحكومة بالرد على هذا المغرد أو ذاك. وهذا مع العلم بأن كثيرا من التغريدات قد تكون مجرد حوار بين شخصين، بعضه ذو طابع انتقائي أو متحول أو متغير. وفي السياق، نجد أن بعض نواب المجلس المبطل ومجلس 2009 يقضون ساعات في الرد عبر تويتر، أكثر من اهتمامهم بالتواصل مع ناخبيهم أو البحث في هموم الوطن والمواطن.
وعلى وقع عودة «صحافتنا» إلى صدارة الآلة الإعلامية على الصعيد السياسي، فمن الأكيد أنه سيكون لها دور محفّز في رسم ملامح المشهد السياسي القادم، ولاعبة أساسية في تشكيل اتجاهات الرأي العام، لأن باستطاعتها الوصول إلى جميع المكونات الاجتماعية والثقافية في المجتمع، وهنا تتأتّى مهمة الصحافة المسؤولة في رسم ودعم السياسات التحريرية لكل ما من شأنه تهيئة الرأي العام في عبور السجال والخلاف القائم، والنهوض بالحالة السياسية وفقا للمصلحة العليا للبلد، جنبا إلى جنب، تشجيع تكوين رأي عام – يسبق العملية الانتخابية – لآلية الوصول إلى مجلس أمة مؤهل للمضي في المسار التشريعي الصحيح والحدّ من صور الفساد التشريعي.
وهذا ليس بغريب على «صحافتنا» الوطنية، وهي صاحبة عمق ديموقراطي، وحظيت بشرف الدفاع عن الدولة المدنية والدستورية والدفاع عن المال العام.. وهي التي احتضنت مساهمات المرأة ومشاركة المجتمع المدني وتبنت مبادرات الشباب، والكثير من الأفكار ذات البناء السياسي والاقتصادي والاجتماعي نشأت في حضن «صحافتنا» الوطنية.
فوزية أبل
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق