لعل الحكومة وكل اطياف العمل السياسي في حالة ترقب لحكم المحكمة الدستورية في شأن دستورية قانون الدوائر الانتخابية، وهو الموضوع الذي يدور حوله الخلاف والنزاع بين مؤيد للدوائر الخمس ومعارض لها..
في تصوري مهما قيل وكتب في مسألة الدوائر فالخلاف يبقى قائماً مالم يعترف او يتنازل كل طرف مراعاة لمصلحة الآخر. فالدوائر مثل البرواز للصورة التي ستبدو عليها وجوه الخمسين نائباً والستة عشر وزيراً وبالتالي دقة اختيار البرواز هو الذي يحدد وضوح الصورة ونصاعة الوجوه.
السيد أحمد السعدون كانت له تصريحات أخيرة حول الصورة التي يرتئيها في شأن الدوائر. فقد عاد في تلك التصريحات الى مقترحه القديم والقاضي جعل الكويت دائرة انتخابية واحدة، غير ان الجديد في تصريحه هو التصويت الفردي وهذا ما يخالف موقف الاغلبية المبطلة التي يقودها السيد السعدون والتي وضعت البلاد على حافة الخلاف وتسببت في تعطيل مصالح الدولة ومعاناة الفراغ الدستوري، ولذا يصح التساؤل هل انقلب السعدون (السياسي المحترف) على الاغلبية وبدل قناعاته بالدوائر الخمس واربعة اصوات؟!! وما هو موقف الاغلبية من مقترح السعدون، وعلى الاخص موقف التكتل الشعبي الذي يصر على الخمس دوائر رباعية التصويت؟!
ان علة الدوائر الانتحابية ليست بعددها او بتصغير او بتكبير الدائرة وانما الاهم هو تحقيق العدالة وتمثيل اوسع لكل او اقلها لغالبية مكونات الأمة، فعيوب الدوائر الخمس كانت واضحة وذلك بحرمان الكثير من مكونات المجتمع من التمثيل وفي المجلس المبطل اقصيت المرأة وصودر دورها ما جعل ذلك اخلالاً وتقليلاً بحق المرأة التي تمثل نصف المجتمع، بل في المكون الانتخابي تمثل المرأة الأغلبية..!!
من هنا نتصور اي انتخاب حر يقوم على الوعي ينبغي ان يمثل غالبية مكونات المجتمع بغض النظر عن توجهاتهم السياسية او العقدية او الاجتماعية.
ومن هنا ايضا نتصور ان اي رسم جديد للدوائر الانتخابية لا ينبغي ان تنفرد جهة بعينها على تحديده سواء كان ذلك من طرف الحكومة او من طرف مجلس الأمة فكلا الطرفين او الجهتين غير مؤهلتين لتحقيق العدالة ورسم دقيق للدوائر .. لذلك فالمطلوب تكليف جهة ثالثة، هذه الجهة تكون على شكل لجنة محايدة تمثل الحكومة وكافة اطياف المجتمع بما فيها المرأة لتولي رسم الدوائر الانتخابية المتعددة او الواحدة.. وحيازة عدد التصويت بشرط ان لا ينوي اعضاء اللجنة الترشح.
لقد فرطنا خمسين عاماً من الديموقراطية الكسيحة التي للأسف تسببت في تعطيل التنمية وترجيع البلد الى الوراء فيما قفزت البلدان المجاورة قفزات كبيرة الى الأمام ما نحتاج اليه ان نفهم ان الديموقراطية ليست بالصراع واقصاء حق الآخر وانما بتحقيق العدالة والعدالة لن تتحقق الا اذا فهم الجميع ان الصراع لا يفيد واننا كلنا ابناء وطن واحد وان اختلفنا في الرؤى او المعتقدات لكن يظل الوطن هو المحك وهو الأهم وهو الحضن الدافئ الذي يضم اليه الجميع.
حسن علي كرم
المصدر جريدة الوطن
قم بكتابة اول تعليق