إنه من غير الجائز أن يقف بعض من ينادي بالدفاع عن الدستور وضرورة احترامه وتطبيقه كاملاً ضد حق المواطنة الكويتية في العمل في السلك القضائي، لأن هذا الموقف يتناقض بشكل صارخ مع ما يطالبون به في وسائل الإعلام، وهو الأمر الذي يهز ثقة الرأي العام بمصداقيتهم وجديتهم في الدفاع عن النظام الدستوري وتطويره.
قبول عمل المرأة في سلك القضاء تطبيقاً للدستور والمواثيق الدولية يعتبر خطوة مستحقة تأخرت كثيراً جداً، ولكن أن تأتي متأخراً خير من ألا تأتي أبداً، ويجب أن تتبعها خطوات أخرى لإلغاء التمييز ضد المرأة، إذ من المفترض ألا يكون هناك تمييز بين المواطنين في الحقوق والواجبات بسبب الجنس.
والمطلوب الآن عدم وضع شروط لقبول المرأة تختلف عن شروط قبول الرجل حتى تتحقق المساواة والعدالة وتكافؤ الفرص التي قررها الدستور في المواد 7 و8 و29، إذ تنص المادة (29) صراحة على أن “الناس سواسية في الكرامة الإنسانية، وهم متساوون لدى القانون في الحقوق والواجبات العامة ولا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين”.
وفي هذا السياق فإنه يجب على كل من يدافع عن الدستور حقيقة أن يدافع عن مواده كافة، ويلتزم بها، ومن ضمنها مواد الباب الثالث (الحقوق والواجبات العامة)، إذ لا يجوز من الناحيتين الأخلاقية والسياسية القول إننا نحترم الدستور ثم ننتقي مواد معينة تخدم ظرفاً معيناً، ونهمل باقي المواد لا سيما أن المطالبات الشعبية الجادة جميعها كانت ولا تزال حتى هذه اللحظة تنادي بالالتزام بالدستور أولاً، ثم تطويره كما ينص على ذلك أي لمزيد من ضمانات الحرية والمساواة (مادة 175).
لهذا فإنه من غير الجائز أن يقف بعض من ينادي بالدفاع عن الدستور وضرورة احترامه وتطبيقه كاملاً ضد حق المواطنة الكويتية في العمل في السلك القضائي، لأن هذا الموقف يتناقض بشكل صارخ مع ما يطالبون به في وسائل الإعلام، وهو الأمر الذي يهز ثقة الرأي العام بمصداقيتهم وجديتهم في الدفاع عن النظام الدستوري وتطويره.
فضلاً عن ذلك فإنه لا السياسيون ولا المهتمون بالشأن العام فقط بل حتى الإنسان العادي يعرف تمام المعرفة أن هنالك أسماء كثيرة لقيادات نسائية على مستوى العالم تولين قيادة دولهن بنجاح في فترات تاريخية مختلفة وفي ظروف سياسية واقتصادية مضطربة وحرجة جدا سواء محليا أو عالمياً فحسب، بل حتى الإنسان العادي يعرفها.
ومنهن، مثالاً لا حصراً، أنديرا غاندي في الهند وبنازير بوتو في باكستان وحسينة واجد في بنغلادش، ومارغريت تاتشر التي قادت بريطانيا العظمى أثناء حرب “جزر الفوكلاند” ضد الأرجنتين، وأيضا في بداية الحشد الدولي الضخم استعداداً لحرب “عاصفة الصحراء” التي أدت إلى تحرير دولة الكويت من الاحتلال العراقي، وأنجيلا ميركل التي تقود حاليا جمهورية ألمانيا الاتحادية في عز الأزمة المالية العالمية الخانقة وهيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأميركية التي كادت أن تصبح رئيسة أقوى دولة في العالم، وتشارك حاليا في قيادتها.
أضف إلى ذلك أن الكثير من النساء في دول العالم قاطبة مع استثناءات محدودة جداً تكاد لا تذكر يعملن بكفاءة عالية في السلك القضائي، وبكل تأكيد فإن نساء الكويت لسنَ استثناء من نساء العالم.
المصدر جريدة الجريدة
قم بكتابة اول تعليق