عبدالمحسن جمال: الحوار بآلية جديدة

الحوار المطلوب بين الأطراف السياسية في البلاد يحتاج إلى روح جديدة وآلية متطورة، كي لا نكرر «حوار الطرشان» الذي لن يقدم ولن يؤخر.

الأطراف نفسها التي تدعو إلى «كراهية الآخر» وعزله غير مؤهلة لأن تبدأ حواراً جديداً، لأنها ستدور في الحلقة نفسها، فهي تهاجم كل شيء أمامها من أي رئيس حكومة إلى الوزراء إلى النواب زملائهم إلى بقية المواطنين.

الحوار الناجح يحتاج إلى محاورين يؤمنون بالطرف الآخر، ويتمتعون بالقدرة على الاعتراف بالخطأ، إن وُجد، ويلتزمون الصواب طريقا للمستقبل.

الجيد، حتى الآن، أن المعارضة بدأت تفيق على أن واقعاً جديداً سيحصل للبلاد بعد حكم المحكمة الدستورية، إذا صب في قرار بطلان الدوائر الانتخابية، والدعوة إلى سنّ قانون جديد.

فالمعارضة توقفت عن مهاجمة قرار المحكمة، بعد أن تبين لها دورها الدستوري، وأن حكمها ملزم لكل الأطراف وكل السلطات.

والأمر الثاني أن من له حق إقرار قانون جديد، إذا سحب القانون الحالي، هو مجلس 2009، والذي تقاطعه المعارضة والنواب الآخرون، فإن تم حل هذا المجلس، فلن يدعى إلى انتخابات مقبلة إلا بقانون جديد لا يصدر في حال عدم وجود مجلس إلا من خلال «مرسوم بقانون»، وهذا ما لا تريده المعارضة. فهي أمام «طريق مسدود». لذا، فإن دعوتها إلى «مؤتمر وطني» أو «حوار شعبي» لمناقشة تعديل الدوائر الانتخابية ينطلق من «مكره أخاك لا بطل». وبالتالي، فإن الدعوة لهكذا حوار يجب أن تحدد آلياته وقواعده وشخوصه، وأهم ما فيه أن يلتزم الجميع بالقبول بالدستور الذي ينص على أن طريق إصدار هذا القانون، إذا أبطلت المحكمة الدستورية القانون الحالي وتم حل مجلس 2009، فإن الطريق لن يكون إلا باستصدار القانون من الآلية الدستورية المتمثلة بـ «مرسوم بقانون»، وعلى المعارضة أن تبدأ أي حوار بالاعتراف والالتزام بهذه الآلية الدستورية، وعندها سيتبين خطأها الفاضح حين كانت ترفضه سابقا. وعليها أن تلتزم، أيضا، بأن اختلافها مع «المرسوم بقانون»، إن صدر، لا يمكن علاجه إلا بالطرق الدستورية، أيضا، وذلك بإجراء الانتخابات والتصويت عليه في المجلس المقبل. أما غير ذلك، فإن الحوار لا يعدو إلا أن يكون «لغوا».

د. عبدالمحسن يوسف جمال

ajamal2@hotmail.com
المصدر جريدة القبس

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.