احمد الجارالله: حكومة “الطوفة الهبيطة” والمرشد السعدون

أصاب رئيس المجلس المخلوع أحمد السعدون نصف الحقيقة في قوله ان:”الحكومة أدخلت البلد في نفق مظلم” فهذه الحكومة التي تتعرض يوميا للهجمات والتهديدات من “جماعة الا الكراسي” التي يتزعمها السعدون وينطق باسمها مسلم البراك, وظفت غالبية وزاراتها لخدمة ميليشيا الابتزاز تلك, ففي الوقت الذي تحرض فيه الاغلبية المخلوعة للانقلاب على الدستور والنظام ليلا, نرى الوزراء في النهار يصدرون قرارات تعيين او ترقية أتباع نواب تلك الميليشيا, ولذلك نتفق مع السعدون في قوله ان” الحكومة تصرفت بشكل مخالف لأحكام الدستور” لأنها لم تضع القانون والمعايير الصحيحة مسطرة لاختيار الكفاءات لشغل المناصب القيادية, وانما رضخت لجماعة نواب الصراخ الشوارعي التي ينتمي اليها السعدون وزمرته, ومررت لهم كل مطالبهم حتى تلك التي لا يمكن تغطية مخالفتها القانونية.
لسنا نبالغ بقولنا ان تلك الجماعة حين أفلست سياسيا وشعبيا فقدت صوابها, وبدأت تتخيل نفسها دولة داخل الدولة, لاغية كل المؤسسات, لذلك يقول الرئيس المخلوع :”لا نعترض على صلاحيات الأمير في اختيار رئيس الوزراء”, لكنه يستطرد قائلا: “رئيس الوزراء وأي من وزرائه يجب أن لا يعودوا إلى الحكومة المقبلة(…) وفي النهاية الدستور سينتصر في الكويت “, فكيف لا يعترض السعدون على صلاحيات صاحب السمو الأمير ويقول بلغة الأمر ان الحكومة الحالية لا يجب ان تعود, وكيف سينتصر الدستور الذي يلغيه كلامه?
هل تخيل السعدون ان الكويت أصبحت محكومة من جماعة الاخوان المسلمين او نظام الملالي الايراني وهو بات مرشدها, لا سيما أنه سلك طريق حسن نصرالله في مخاطبة أتباعه من خلف الشاشات التي نصبوها في ساحة الارادة? فمن يهدد السعدون في أمنه في الكويت حتى ينصب أتباعه الشاشات في تلك البراحة, وكم هم هؤلاء الاتباع? قاتل الله الافلاس السياسي الذي يجعل المرء يقلد أي شيء ليشحذ بعض التعاطف الانتخابي ممن انفضوا من حوله بعد ان اكتشفوا الحقيقة المرة.
لم يعد مستغربا ان يقع السعدون في هذا الخلط المجافي لأبسط المفاهيم الدستورية ليس لزعمه الخبرة الكبيرة بالدستور, وإنما بعد تطاول جماعة “الا الكرسي” على سمو الأمير, وإصدار أحد نوابها بلاغه الاول الداعي صراحة الى الانقلاب على النظام, والعديد من التصريحات التي تنضح بالاسفاف, ولهذا باتت الصورة واضحة تماما أمام الجميع, وهي ان هذه الجماعة لا تعمل فقط على حفظ ماء وجهها وإبعاد كأس السجن المرة عن بعض نوابها المتهمين ليس باقتحام مجلس الامة فقط, انما بقضايا أخرى, بل إنها تنفذ أجندات خارجية مشبوهة رسمت خططها جماعة الاخوان المسلمين المتحالفة معها, او بالاحرى المأجورة لها “شلة الزعيق في البراحات والشوارع”.
في ظل هذا الوضع ألا تسأل الحكومة نفسها: الى متى ستبقى “الطوفة الهبيطة” لهذه الجماعة, تقدم لها الوظائف والمناصب والخدمات على طبق من ذهب, فيما هي تزيد من ابتزازها طلبا للمزيد? ألا تدرك الحكومة ان الابتزاز كالنار لا يشبعه الحطب, بل يزيدها اشتعالا, بينما ماء الدستور والقانون وحده يخمد كل النيران?
أحمد الجارالله

المصدر جريدة السياسة

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.