يبدو ان الغالبية ومنذ سقوطها بقرار المحكمة الدستورية فقدت صوابها السياسي وصارت تضرب يمينا وشمالا لاسترجاع هيبتها ومكانتها. منذ ذاك القرار التاريخي والغالبية تتخبط في بياناتها وتصريحات نوابها.
فالواضح انها تعيش حالة من الاضطراب في ما بين اعضائها وعدم الاتفاق على بعض القضايا. فأول مرة صدّروا بيانا ضعيفا لدرجة ان جمهورهم وخصوصا «نهج» هددوهم بالمقاطعة ومحاربتهم انتخابيا ان لم يتصدوا للفساد ويبتعدوا عن مصالحهم الانتخابية الضيقة. فعدلوا تحركهم واصدروا بياناتهم التالية (الثاني والثالث) لتكون اكثر موضوعية واكثر انسجاما وقربا لمطالبات جمهورهم ونزولا عن رغبة الشباب بزعمهم!
هذه الأيام بدت تطفو من جديد تناقضات المجموعة. فقبل كم يوم خرج وليد الطبطبائي علينا و«قرّر» أن يكون جابر المبارك آخر رئيس للوزراء من الاسرة، فخرج في اليوم التالي احد زملائه «يرقّع» له (بتعديل سخيف) بأن الطبطبائي لم يقصد من كلامه «الا» أن يكون الرئيس من الأسرة! (هل كيف!؟)
ظهرت الدعوة نفسها من جديد ولكن هذه المرة بتعبير اشد من عضو «الشعبي» خالد الطاحوس بتعبيره الشهير «انتزاع» رئاسة الوزراء من اسرة آل صباح وتسليمها للشعب! الواضح من هذه الدعوات عدة امور دعوني اوجزها كالتالي:
الاول التكتل الشعبي هو الاكثر اندفاعاً باتجاه اقصاء آل صباح عن رئاسة الوزراء.
الثاني وهذا الغريب في بابه، أن الهدف من الاسناد لغير أسرة آل صباح بمعنى حجب هذه الاسرة تحديدا عن هذا المنصب. بشكل اوضح، المقصود من وراء الاصرار المتكرر على بند رئاسة الوزراء هو لابعاد أسرة الصباح عن الرئاسة لا الاهتمام بإسناد المنصب «لأي واحد» من الشعب. فما يبدو لي أن همهم هو ألا يكون في الاسم «الصباح». فبغض النظر عن أهلية المرشح، فالشرط الموضوع هو أن لا يكون الاسم يحمل «صباح» لا أكثر! وإلا لقالوا أهل الكفاءة، وهو بالتالي يشمل الجميع بمن فيهم أعضاء من هذه الاسرة تحديدا!
الثالث ان كلمات من قبيل «قرر» و«انتزاع» توحي الأخذ بالقوة. فالسؤال البديهي هو: الاخذ بالقوة ممن؟ فكأن المطالبة تقول بأننا نحن في الغالبية نريد أن ننتزع الحق من الدستور! السؤال المطروح بشكل عكسي هو كالتالي: هل يجوز أي شخص أن يوجه حديثه للشعب ويقول للكويتيين أريد أن أنتزع منكم حقكم؟ فماذا سيكون الرد؟ إما يجوز لأن الدستور يسمح، أو لا يجوز لأن الدستور لا يسمح. بالتالي كيف نصنف كلام الطبطبائي والطاحوس ضمن هذا النقاش!؟
الرابع من يضمن ان احد افراد الشعب (الذي سينتزع الطاحوس لأجله المنصب) سيكون افضل حالا من الماضين؟! فكما أن الشواهد ولخمسين عاما بحد زعمكم لم نرَ الكفاءة في هذا الموقع، فالكلام موجه لكم أيضا؟ ألم تطغوا يا غالبية وسلبتم حق الاقلية في تشكيل اللجان، سلبتموهم في الكلام، سلبتموهم في التصويت؟! ألم تمارسوا الطغيان حينما سنحت لكم الفرصة وأقصيتم من أقصيتم وداريتم لأنفسكم ولأتباعكم؟!
لا تفهم كلامي بأني ضد الرئاسة الشعبية، لكن هذه الراية والشواهد لا تساعد أن تكون هذه الغالبية هي من ترفعها وتتصدى لها.
hasabba@gmail.com
المصدر جريدة الراي
قم بكتابة اول تعليق