انور النوري: المفروض.. خمسون دائرة انتخابية

مجلس الأمة هو المجلس التشريعي الكويتي وهو مجلس الشعب، حيث يمثل هذا المجلس الشعب الكويتي كله لا فئة معينة ولا منطقة معينة، إنما يمثل الكويت بشراً ومكاناً وحضارة، وهذا شأن المجالس التشريعية في أي بلد آخر، لذا حرصت البلدان، التي يوجد فيها مثل هذه المجالس، على أن يكون هذا التمثيل قريباً من الواقع، حيث يوزع البلد أو يقسم إلى عدد من الدوائر، وتنتقي كل دائرة ممثليها، ويشكل الفائزون في مجموعهم المجلس التشريعي أو البرلمان، وتوزيع الدوائر يأخذ في الاعتبار أموراً كثيرة، منها جغرافية الموقع، وعدد السكان واهتماماتهم، والمستوى الثقافي والعلمي والاقتصادي لهذه الدوائر، أو وجود أقليات عرقية من ضمن الساكنين في تلك المناطق، وإذا كان الفائزون في مثل هذه الدوائر لهم اتجاه سياسي معين (حزب)، فإن رئيس الدولة يطلب من هذا الحزب أن يشكل حكومة تنال أغلبية الأعضاء.

نحن في الكويت «خابين عمرنا ومحتارين، وما ندري وين الله قاطنا»، فمجلس الأمة يتكون من خمسين عضواً، وكل فرد يختار أكثر من مرشح، ولهذا لا ينطبق المبدأ «صوت واحد لكل ناخب» one man one vote.

بدأنا بعشر دوائر انتخابية، ينتخب كل ناخب خمسة أعضاء، ثم تحولت بقدرة قادر إلى خمس وعشرين دائرة انتخابية، وقيل يومئذ إنها محاولة من الحكومة لإسقاط العناصر المعارضة، ولكن العجيب أن خمساً وعشرين دائرة أفرزت مجلساً معارضاً للحكومة، وأصبح المعارضون يهاجمون الحكومة بالحق وبالباطل، وأصبح الأعضاء يكيلون الاتهامات لبعضهم البعض وإلى الخمس وعشرين دائرة، وحدث هجوم على الخمس وعشرين دائرة وتغيرت، بقدرة قادر، إلى خمس دوائر، ينتخب الناخب منها أربعة مرشحين في كل دائرة، وأفردت هذه الطريقة مجلساً مؤزماً، وابتدأ هذا المجلس بأمر غريب جداً حيث تشكلت فكرة الأغلبية المعارضة، وهذه بدعة حيث لا توجد معارضة تمثلها أغلبية، ويشتمل على كثير من الاتجاهات المتخلفة، ونحن في وضع لا نحسد عليه، والآن يدور الحديث وبحدة حول الكويت دائرة واحدة أم خمس دوائر أم عشر دوائر؟!

وكما قلت في المقالة السابقة، لنستفد من تجارب الدول العريقة في ديموقراطيتها، إذا أردنا أن نطور ديموقراطيتنا بأسلوب اجتماعي نتعايش معه.

إنني أدعو إلى تقسيم الكويت إلى خمسين دائرة، تنتخب كل دائرة من يمثلها في المجلس، وإذا كانت هناك أغلبية من ممثلي هذه الدائرة يتجهون في اتجاه معين، فليشكل لهم أي تكتل، هذا هو الصحيح الذي لم يتطرق إليه أحد حتى الآن، بل أصبح الحديث فيه حراماً، وكأن الموضوع بدعة.

إن أكثر ما يواجه أي تشريع هو أن تصاغ مواده وفي البال استفادة شخص أو فئة أو إيذاء فرد أو فئة، مثلما حدث في الكثير من القوانين التي صيغت دون النظر بجدية لها، ودون النظرة الجيدة لمعالجة مشكلات معينة، إن أخطر ما يواجه الديموقراطية في الكويت هو عدم الفهم العميق للمبادئ الديموقراطية التي يجب أن تسود، فالعملية الديموقراطية لا تختزل في الانتخابات التي تجري كل أربع سنوات، بل هي سلوك اجتماعي عام يجب أن يسود المجمع، ويكون مجلس الأمة فيه مثالاً وقدوة لهذا السلوك.

اللهم، اهدنا سواء السبيل، وهيئ لنا من أمرنا رشداً.

أنور عبدالله النوري
المصدر جريدة القبس

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.