لا أعرف لماذا يصر التجار على تصوير الكويت وكأنها بلد يفتقر إلى أبسط الخدمات مع أن جولة واحدة في دول الخليج العربية لا يكتشف أن هناك فرقا كبيرا بين تلك الدول، فالحال واحدة مجرد صفائح من الكونكريت لا مستقبل لها بعيدا عن التنمية الحقيقية وهي تنمية الإنسان وتطويره حتى يتحول إلى جزء من الناتج القومي المحلي لا عبئا عليه.
بعض التجار يرفضون فكرة تنمية الإنسان وابتعاث أي من المواطنين خصوصا أبناء البسطاء منهم للدراسة في الخارج على نفقة الدولة، وقد ساهموا بشكل غير مباشر من خلال وضع شروط قاسية بل تكاد تكون مستحيلة أمام أي مواطن يريد الحصول على بعثة من وزارة التعليم العالي وحصر ذلك الامتياز في أبنائهم خريجي المدارس الإنجليزية.
صحف بعض التجار لا تخلو صفحاتها الرئيسة من انتقاد الحكومة بل حتى شتمها إذا لزم الأمر ليس على التجاوز على الدستور وسلب حريات المواطنين أوإضافة رسوم عليهم، بل على عدم رفع حجم الباب الرابع في الميزانية العامة للدولة وتخفيض الباب الأول حتى يتمكنوا من حشو أفواههم التي لاتكل ولا تمل من الاعتداء على المال العام تحت مبررات ومسوغات واهية.
تارة يتحدثون عن مشاريع البناء والإدارة والنقل، وفي نهاية المطاف يرفضون نقلها إلى ملكية الدولة ويستولون عليها والحجج كثيرة، وتارة يتحدثون عن نظام المشاركة بين القطاعين العام والخاص لكنهم يرفضون أن تكون تلك المشاركة من خلال معايير شفافة تسمح للجميع بالدخول ضمن قائمة المستثمرين ويريدونها حكرا عليهم فقط.
شوهوا سمعة الكويت بصحفهم حتى صدق جيراننا أن هناك خطبا ما في بلدنا، وقالوا عنها إنها مجرد أطلال ليس فيها حياة، وهم في الوقت نفسه يُخبئون أموالهم في بنوك الغرب ليستفيد منها وتخسرها بلادهم، يرفضون شراء أراض رغم أن التجارة حرة في بلادنا لإقامة مشاريعهم عليها ويصرون على أن تعطيهم الحكومة قطعة أرض مجانا، وإذا رفضت فهي حكومة لا تفهم كيف هي التنمية.
يريدون مشاريع التنمية لهم وحدهم، وإذا أراد مواطن أن يشاركهم ولو بقدر ضئيل وفق معايير واضحة وشفافة اتهموا الحكومة بالمحاباة وبيع البلد والعبث بمقدرات الأجيال القادمة، وإذا أرادت الحكومة رفع راتب المواطن البسيط أوعلاوته الاجتماعية حركوا أبواقهم في كل مكان ضده وضد الحكومة حتى لا تعبث بالمال العام وكأنما العبث بالمال العام فقط على يد المواطن البسيط لا على أيديهم.
المصدر جريدة الكويتية
قم بكتابة اول تعليق