من المقرر أن تصدر المحكمة الدستورية الثلاثاء المقبل، قرارها بمدى دستورية قانون الانتخاب بعد أن أحالته إليها الحكومة للفصل فيه، ويتزامن ذلك مع تجمع نواب المعارضة الجديدة في “ساحة الإرادة” الليلة التي تسبقه.
سيناريوهات المرحلة المقبلة تشير إلى أن جميع الخيارات ستكون مفتوحة، لكن المؤكد فيها أن فصل المحكمة الدستورية بالقانون سيغير الوضع السياسي، لأنه سيطوي صفحة قانون الانتخاب ويفتح صفحة الانتخابات المقبلة، وباستعراض الخيارات الفعلية نجد أن أولها يبدأ بأن تفصل المحكمة الدستورية بقانون الانتخاب، وتبطله بشكل مباشر من خلال تحديدها لضوابط الانتخاب بتحديد عدد الأصوات لكل ناخب، أو بوضع قيود محددة لتقسيم الدوائر الانتخابية من حيث عدالة التمثيل وكثافة التوزيع، وهذا رغم أنه أضعف الاحتمالات فإنه يبقى قائماً، وحتماً سيفرض واقعاً جديداً على العمل السياسي.
ثاني السيناريوهات المتاحة يتمثل برفض المحكمة الدستورية النظر بالقانون باعتباره مستوفياً لإجراءات إصداره اللائحية والشكلية، ليكون المعني بالفصل فيه وتغييره هو مجلس الأمة، لأن قانون الانتخاب سيكون قد تحصن من الطعن أمام المحكمة الدستورية، وبالتالي فإن القناة الوحيدة لتغييره هي مجلس الأمة.
وفي حال رفض المحكمة الدستورية الفصل بدستورية قانون الانتخاب، وإرجاع الملف إلى الحكومة والمجلس، سنكون أمام ثلاثة احتمالات: الأول الإبقاء على القانون الحالي دون تغيير (خمس دوائر بأربعة أصوات لكل ناخب) حتى تقرر ذلك أغلبية نواب مجلس الأمة أو الحكومة بحسب ما تراه مناسباً سواء عبر مجلس 2009 أو أي مجلس مقبل، والثاني أن تبادر الحكومة أو أغلبية نواب مجلس 2009 القائم دستورياً والمعطل من قبل نوابه بتعديل القانون عبر جلسة عادية يكتمل فيها النصاب، ثم الدعوة إلى انتخابات جديدة وفقاً لقانون الانتخاب الجديد في حال أقر وفقاً للأغلبية المطلوبة (النصف زائد واحد)، ليُحل مجلس الأمة بعد نشر القانون بالجريدة الرسمية حتى يمكن تطبيقه اعتباراً من انتخابات المجلس المقبل، أما الخيار الثالث فهو حل مجلس 2009 وقيام الحكومة بإصدار مرسوم ضرورة تغير وفقه الدوائر الانتخابية بحسب ما تراه مناسباً، مع التأكيد أن جميع الاحتمالات السابقة متاحة وصالحة دستورياً.
الوجه الآخر لنفس العملة سيكون مع خيارات المعارضة الجديدة بالتعامل مع معطيات المشهد السياسي الجديدة، فنوابها حتماً لن يشاركوا في جلسات مجلس 2009 لتعديل قانون الانتخاب، وسيستمرون باتجاه محاربة أي تحرك لا يأتي منهم، فلا هم يريدون العمل بمجلس 2009 رغم أنهم يتقاضون رواتبهم وامتيازاتهم منه، ولا هم يريدون أيضاً ترك أغلبية مجلس 2009 تعمل منفردة أو بالتعاون مع الحكومة على تعديل القانون، لأن من مصلحتهم إطالة أمد الأزمة لحين شحن الشارع وتأجيجه وتجييره لمصلحتهم بصناديق الانتخاب، مستذكرين ملابسات دعاوى رحيل رئيس الحكومة السابق الشيخ ناصر المحمد في سبتمبر، أكتوبر، نوفمبر 2011، وما تلاها من حملات انتخابية ساخنة في ديسمبر، يناير، فبراير، الماضية، أفرزت مجلساً بأغلبية إقصائية تنافس أعضاؤها على الظهور الإعلامي وإثارة النعرات على حساب الإنجاز والعمل.
ووسط الفوضى التي نعيشها اليوم ظهرت أكثر من دعوة للقيام بحالات عصيان مدني متى ما أقدمت الحكومة على تعديل الدوائر سواء بشكل دستوري عبر مجلس 2009 أو بشكل دستوري آخر عبر مراسيم الضرورة، وللتوضيح، فإن هذه الدعوات متى ما نُفذت ستكون خروجاً صريحاً على القانون، وستقدم للسُلطة فرصة ذهبية للانقضاض على الحريات وتقويض النظام الديمقراطي سواء بإعلان أحكام عرفية أو سن قوانين تقييد الحريات كما حدث في فترات سابقة من تاريخ الكويت أدت إلى تزوير الانتخابات 1967 وحل مجلس الأمة وتعطيل الدستور (1976- 1980/ 1986- 1992) والتلاعب بالدوائر الانتخابية 1981، وإلغاء مجلس الأمة واستبداله بالمجلس الوطني (1990- 1992)، وبما أن السلطة كانت هي الداعم لكل ذلك على مدى الأربعين عاما الماضية، فمن غير المستغرب أن تحاول اليوم تنفيذ مخططها عبر قوى المعارضة الجديدة ومناصريها، على الأقل من باب التغيير، أقول ذلك قبل أن نبكي جميعاً على اللبن المسكوب ونحول الكويت إلى حائط مبكى كبير بفضل تصرفات بعض مراهقينا السياسيين الذين يختزلون الإصلاح في أنفسهم وهم الفاسدون.
المصدر جريدة الجريدة
قم بكتابة اول تعليق