فلاح الصواغ: مبارك الوعلان كان يريد أن يوقع على «وثيقة تجريم خطاب الكراهية»، وانتظر لساعات في ساحة الإرادة ولم يجد الوثيقة للتوقيع عليها. إذا كان صحيحاً أن مبارك الوعلان سيُسمح له بالتوقيع على وثيقة تجريم خطاب الكراهية فإن من الإنصاف أيضاً السماح لفؤاد الرفاعي وأسامة المناور وياسر الحبيب ومحمد الجويهل بالتوقيع على الوثيقة ذاتها، لأن الأمر يصبح على النحو التالي: قل ما شئت من تخوين وشتم وتحقير وغمز ولمز بشرائح مجتمعية، ثم البس أفخم ملابسك واذهب إلى ساحة الإرادة ووقع على وثيقة تجريم خطاب الكراهية، والتقط صوراً وأنت مبتسم أمام عدسات الكاميرات، ثم عد إلى بيتك سالماً غانماً. عندما نذكر مبارك الوعلان بالاسم فليس المقصود حصر الأمر بالوعلان، فهناك من شارك في هذا الخطاب المقيت بصورة أكبر، وإنما ذكرنا الوعلان لأنه كان آخر من صدرت عنه مثل هذه الخطابات، وكان ذلك في تجمع ساحة الإرادة قبل أسبوعين.
أعتقد أن على القائمين على وثيقة «تجريم خطاب الكراهية» في الحركة الشبابية «حوارات التغيير» ألا يكونوا من السذاجة بحيث يسمحون لمن ارتكب جرائم بحق المجتمع عبر خطابات الكراهية التي أطلقها مراراً وتكراراً، وعملت وتعمل على تسميم المجتمع وتزيد من حالة الاحتقان التي يعيشها، ثم يأتي ويضع توقيعه على وثيقة «تجريم خطاب الكراهية»، وكأنه لم يرتكب أي جرم، وليظهر أمام الملأ بمظهر الحمل الوديع الذي يحب الخير للجميع. قبل أن يُسمح لهؤلاء بالتوقيع على هذه الوثيقة يجب أن يُعلن كل من صدرت منه خطابات الكراهية -أياً كان- تراجعه واعتذاره الصريح والواضح عما قاله، وعندها يمكن السماح له بالتوقيع، وإلا فإن من السذاجة السماح لمثل هؤلاء بالتوقيع، لأن ذلك يمثل استغفالاً من هؤلاء للقائمين على هذه الوثيقة، واستخفافاً بالمجتمع ككل عندما يظن أن هذه الألاعيب تنطلي على الناس. يجب أن يكون شباب «حوارات التغيير» أشد حذراً وأكثر حنكة ووعياً لحماية تحركهم من الاختطاف أو التجيير الذي يسعى إليه البعض، بحيث يوظفه لمصلحته.
السماح لرموز خطاب الكراهية بالتوقيع على الوثيقة، والقول إننا سوف نسجل كلامهم بالصوت والصورة وسوف نحاسبهم من الآن فصاعداً على أي كلام طائفي أو عنصري يصدر منهم هو أشبه ما يكون بشهادة براءة ذمة عن كل ما فعلوه قبل ذلك. التصدي لخطاب الكراهية لا يكون بالاكتفاء بالتوقيع على وثائق لا تسمن ولا تغني من جوع، بل يجب أن يقترن بالأفعال، وأولها مواجهة كل من استخدم أو روج لخطاب الكراهية، وبث روح التمييز الطائفي أو العنصري في المجتمع ووضعه على المحك في الاعتذار والتراجع عما اجترحه لسانه من جرم وإلا «لا كرامة».
المصدر جريدة الكويتة
قم بكتابة اول تعليق