عبداللطيف الدعيج: لكم الله

ليس من المفروض ان يُفاجأ مؤيدو ما يسمى بالثورة السورية او الجيش السوري بتسمية كتيبة باسم «الشهيد صدام حسين». فقد كان واضحا منذ البداية ان «عمبر اخو بلال» اي ان الذين يسعون لاطاحة نظام الاسد ليسوا بافضل منه. وكان الدليل واضحا وناصعا هنا في الكويت، فأغلب مؤيدي التمرد السوري ومن اخذ على عاتقه دعمه ماديا واعلاميا كانوا الجماعة ذاتها التي حملت لواء «الجهاد» في كل بؤر التوتر. في افغانستان والبوسنة والشيشان والآن في سوريا. على ذمة احد الاطباء الفرنسيين – نقلا عن اعلام النظام السوري – الذين تطوعوا لعلاج الجرحى والمقاتلين في سوريا فان ستين في المائة من المقاتلين الجرحى هم من غير السوريين. وعلى ذمة مراسل «الاندبندنت» فان الكثير من الشيشان والاتراك منضمون الى «الجيش السوري الحر».

من طبيعة مؤيدي التمرد السوري، خصوصا هنا في الكويت، كان واضحا اتجاه هذا التمرد واهدافه الحقيقية. لهذا كان صعبا علينا دعم التمرد، رغم بشاعة وصلافة الرد الذي اتخذه النظام لمواجهة المتمردين. بل يمكن الافتراض بسبب الطبيعة غير الانسانية للمتمردين ان جزءا كبيرا من الاجرام الذي مارسه النظام يعود اساسا الى المتمردين الذين حوّلوا الناس الى متاريس ومساكنهم الى قلاع وحصون. والجيش السوري الحر لم يخف طبيعته ومستقبل ما ينتظره السوريون منه، فأدبياته واعلامه ذاتهما يعرضان الكثير من الانتهاكات والممارسات غير الانسانية التي تفوقت، على الاقل في علنيتها، على الممارسات الوحشية المنسوبة للنظام.

ان اسقاط النظام العلوي الطائفي في سوريا ضرورة. لكن ومما يبدو فان الثمن سيكون غاليا، وان النتيجة ستكون رياحا ستعصف بالمنطقة، لقد دفع الشعب السوري حتى الآن الكثير، وسيدفع الاكثر ان استمر الحال والعنف على منواله. لهذا فان المطلوب دعم مهمة السيد الابراهيمي والبحث عن وسائل لنقل السلطة او تحييدها بشكل سلمي، بحيث يضمن جميع السوريين نظاما يقوم على سلامة المواطنين السوريين جميعا، وعلى تمتعهم جميعا بالأمن والامان والمساواة التي تكفلها المواثيق والعهود الانسانية.

لكن في ظل وجود السلاح والدعم المالي الذي يتولاه «اهل الخير» للجماعات الدينية، وفي ظل العقلية الطائفية التي تهيمن اصلا على عموم المنطقة، وبوجود اطراف عديدة «دوّلت» القضية، فان الحل السلمي يبدو بعيد المنال.

عبداللطيف الدعيج
المصدر جريدة القبس

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.