رأى سمو الشيخ ناصر المحمد في المعهد المتخصص بدراسات الحكم والشؤون الدولية، الحاضن لبرنامج سموه في جامعة درهام البريطانية، فرصة للمساهمة في تعزيز الروابط التاريخية والأكاديمية بين دولة الكويت والمملكة المتحدة، وقاعدة فعالة لتقصي الأوضاع المعقدة والمثيرة للتحديات السياسية في الشرق الأوسط.
وأعرب سموه في كلمة خلال الافتتاح الرسمي لبرنامج الشيخ ناصر المحمد في الجامعة، ان اختياره لها مكانا للبرنامج إنما يرجع الى مكانتها كصرح أكاديمي متفوق منذ القرون الوسطى، يحظى بمكانة رائدة على المستوى الدولي، ويكتسب صيتا ذائعا من الناحية الدراسية والمنهجية.
وأعرب سمو الشيخ ناصر المحمد في كلمته الرئيسية في الندوة، في بدايتها عن سروره البالغ لزيارته لدرهام ولجامعتها مرة اخرى مع انطلاق هذا البرنامج الذي يرعاه ويحمل اسمه.
واشار سموه الى انه منذ المراحل الاولى للتخطيط لهذا البرنامج منذ نحو عامين، ثارت بعض التساؤلات حول اسباب اختيار درهام لتنفيذ هذا البرنامج؟
وقال سموه «ان الاجابة عن هذا السؤال تعد سهلة وهذا يرجع اولاً الى الارتباط الشخصي والعاطفي الذي يعكس مدى الامتنان لجامعة درهام التي كان نجله الاكبر احد طلابها وخريجيها، وكذلك لاعتبار آخر اكثر اهمية وهو ان الجامعة منذ نشأتها تاريخياً منذ القرون الوسطى في اوروبا تعتبر مركزاً للتفوق الاكاديمي، علاوة على انها تكتسب صيتاً ذائعاً لا تذاع فيه من الناحية الدراسية والمنهجية.
واكد سموه على ان ذيوع صيت الجامعة كرائدة على المستوى الدولي، ومكانتها الفائقة في مجال البحث الاكاديمي والنشاط الدراسي، كان امراً حيوياً جداً بالنسبة لاتخاذ القرار الخاص بهذا البرنامج الذي اعطى اشارة الانطلاق له منذ اليوم، مؤكداً على ان البرنامج سيتم تنفيذه من خلال ايد امينة في رحابها الاكاديمي.
وقال ان تفوق جامعة درهام في المجال الاكاديمي والدراسات التي يغطيها هذا البرنامج ترسخ الاعتقاد بأن هذا كان القرار الصحيح بالنسبة لتنفيذ هذا البرنامج هنا.
وذكر سموه «انني اود اغتنام هذه الفرصة لكي اعرب عن شكري وامتناني لكل الاكاديميين من الجانبين الكويتي ومن جامعة درهام الذين ساهموا في التفكير والتخطيط والاعداد لهذا البرنامج منذ مراحله الاولى وحتى بدئ بتنفيذه رسمياً… وهو الامر الذي نشهده ونشارك فيه اليوم».
وقال سموه ان الطبيعة الخاصة لهذا البرنامج تتطلب تقديم الشكر والعرفان للكليات المختلفة في جامعة درهام التي احتضنت ورعت هذا البرنامج، وتقدم سموه ايضاً بالشكر الى الهيئة الاكاديمية التي تشارك في تنفيذ وتطوير البرنامج.
واعرب سمو الشيخ ناصر المحمد عن امله في ان يساهم البرنامج في تعزيز ودعم الروابط التاريخية والاكاديمية والتعليمية بين دولة الكويت والمملكة المتحدة، وكذلك في ان يكون البرنامج بمثابة قاعدة فعالة، يتم خلالها بحث الاوضاع المعقدة والمثيرة للتحدي على الصعيد السياسي لمنطقة الشرق الاوسط، وفضلاً عن ذلك تعزيز الروابط الاكاديمية داخل جامعة درهام وخارجها على النطاق الدولي خلال البحث والدراسة لمنطقة الشرق الاوسط.
ونظمت الجامعة حلقة دراسية مهمة عن تأثير القارة الآسيوية على منطقة الشرق الأوسط.
وحرص سمو الشيخ ناصر المحمد على حضور هذا الاحتفال شخصياً لاعطاء شارة الانطلاقة لهذا البرنامج الذي يركز على العلاقات الدولية والشؤون السياسية والأمن الاقليمي.
وتميز الاحتفال بالطابع الاكاديمي وبحضور عدد كبير من اساتذة الجامعة، وخاصة من المعهد التخصصي في دراسات الحكم والشؤون الدولية، وهو المعهد الذي يحتضن برنامج سمو الشيخ ناصر المحمد.
وبدأ الاحتفال بكلمة من نائب مدير دراسات الحكم والشؤون الدولية في الجامعة، رحب فيها بسمو الشيخ ناصر المحمد وبالدكتورة رشا الصباح، واعرب فيها عن شكره وتقديره لحضور سموه هذا الحفل وتحدث بعد ذلك عن التاريخ العريق لجامعة درهام وخاصة قعلتها التاريخية واستعرض تاريخ الجامعة التي تعتبر من أهم الجامعات العريقة في العالم.
وقال المسؤول الأكاديمي «ان زيارة سمو الشيخ ناصر المحمد للجامعة منذ ثلاثين عاما كانت بداية الارتباط الاكاديمي والعاطفي بها بالنسبة له، وأعاد الى الاذهان بعض العبارات التي كان سمو الشيخ ناصر المحمد قد ذكرها اثناء هذه الزيارة في عام 1984 وخاصة اشارته الى انه قد جاء لزيارة احدى اهم مناطق الطاقة في العالم، ولذلك فإن هذه الحقيقة تدفعني الى التأمل لمدى الارتباط المتبادل بين مصالحنا اليوم وكذلك مدى استمرار هذه الروابط في المستقبل».
وأضاف «كان سمو الشيخ ناصر المحمد يشير عندئذ من خلال هذه العبارات الى ان اقتصاد درهام يتركز على الفحم كمصدر رئيسي للطاقة عندئذ». وقال ان جامعة درهام ترتبط بالكويت وبمنطقة الخليج منذ نحو مئة عام في عدة مجالات مختلفة، من بينها العلوم والمعارف وخاصة الآثار ودراسات الحكم والانثروبولوجي والجغرافيا والطاقة، وقال انه لهذا كله فإن الجامعة تتطلع الى المزيد من التعاون مع دولة الكويت خاصة لأن عددا من الكويتيين قد تخرجوا في الجامعة، وعلاوة على ذلك فإن هناك تعاونا مثمرا بين الجامعة ومؤسسة التقدم العلمي وجامعة الكويت.
وذكر ان برنامج ابحاث سمو الشيخ ناصر المحمد في الجامعة يتماشى على نحو مثالي مع القيم والاهداف الاستراتيجية التي ترسمها الجامعة، وذلك من خلال العمل على تعزيز الوفاق الثقافي والتفاهم الدولي… وقال المسؤول الاكاديمي انه يتطلع الى المزيد من التعاون والترابط بين الجامعة ودولة الكويت.
إطلاق اسم المحمد على الكرسي العلمي للبروفيسور احتشامي
أطلقت الجامعة اسم سمو الشيخ ناصر المحمد على الكرسي العلمي الذي يرأسه البروفيسور آنوش احتشامي، وذلك عرفانا لرعاية سموه لهذا البرنامج الأكاديمي، ونظمت الجامعة بعد ذلك حفل استقبال على شرف سمو الشيخ ناصر المحمد بهذه المناسبة.
النمو الاقتصادي الهائل للصين والتأثير الآسيوي على أنظمة الشرق الأوسط
تضمن الجزء الثاني من الندوة محاضرتين، الأولى عن التطورات الخاصة بالتجربة الصينية والبدائل المتعلقة بالشرق الأوسط، وألقتها أستاذ الاقتصاد السياسي في جامعة درهام، البروفيسور الدكتورة إيما ميرفي، وركزت خلالها على النمو الاقتصادي الهائل للصين والعلاقات التجارية والاقتصادية بين الصين والمنطقة.
واستعرضت الأستاذة البريطانية أيضاً الأوضاع الاقتصادية في منطقة الشرق الأوسط وتأثيرات الربيع العربي عليها.
وكانت المحاضرة الثانية بعنوان «تأثيرات القارة الآسيوية على المنطقة والتحولات التي طرأت على أنظمة الحكم في بعض دول الشرق الأوسط»، وألقاها البروفيسور آنوش احتشامي، وكان تركيزه خلالها منصبا على التطورات المثيرة التي شهدتها المنطقة أخيراً وتأثيراتها وانعكاساتها على بزوغ عهد جديد من الديموقراطية وحرية التعبير والفكر في المنطقة.
وتحدث أيضاً عن الأوضاع الاقتصادية لدول المنطقة، خصوصا بعد الفائض والوفرة المالية الكبيرة في دول الخليج، بعد الارتفاع الهائل في أسعار النفط منذ منتصف السبعينات من القرن الماضي.
آسيا… الشرق يتحرك نحو الغرب والقرن الصيني والشرق الأوسط
ألقى البروفيسور جيمس بيسكيتوري مدير معهد الحكم والشؤون الدولية في الجامعة كلمته في بداية الحلقة الدراسية، التي نظمتها الجامعة بهذه المناسبة وتميز الاحتفال بالتركيز على ارتباط قارة آسيا العضوي والجغرافي بمنطقة الشرق الأوسط، وتضمن الجزء الأول من الحلقة الدراسية محاضرتين الأولى «عن آسيا: الشرق يتحرك نحو الغرب» ألقاها الدكتور جيفري كيمب مدير برنامج الأمن الاقليمي في مركز المصالح القومية في الولايات المتحدة الأميركية.
وركز كيمب خلالها على الارتباط الوثيق جغرافياً وسياسياً بين آسيا والشرق الأوسط، وخاصة زيادة النفوذ الآسيوي في المنطقة. وأثار تساؤلات حول مدى ارتباط الولايات المتحدة الأميركية الوثيق بالشرق الأوسط مع تزايد المطالبات من جانب بعض الجماعات ومراكز الأبحاث في واشنطن بفك الارتباط مع المنطقة، مع زيادة النفوذ الآسيوي في المنطقة تدريجياً.
وألقى بعد ذلك الدكتور ديفيد كير مدير مركز الدراسات الصينية في جامعة درهام محاضرة مطولة عن «القرن الصيني والشرق الأوسط» واستعرض فيها مدى اتساع ونمو النفوذ الصيني التجاري والاقتصادي في المنطقة. ولكنه يرى أن الصين لا تمارس حتى الآن النفوذ السياسي المناسب الذي يتماشى مع بروز نجمها الاقتصادي والمالي عالمياً.
المصدر”الراي”
قم بكتابة اول تعليق