سامي النصف: ايها السادة..السياسة هي فن الممكن

أيها السادة.. مازالت الكويت تعاني وتقاسي من فهمكم الخاطئ لكثير من أصول وأعراف اللعبة السياسية الصحيحة حتى أصبحت لعبتنا السياسية من الأسوأ في العالم، حيث نتج عن ذلك الفهم العقيم للعمل السياسي أزمات تلد أزمات ومصائب تلد مصائب حتى استفردنا بالكوارث دون دول الجوار ممن يعيشون نفس ظروفنا إلا انهم لا يؤمنون بمفاهيمكم السياسية مما جعلهم يسبقوننا بأربعة عقود بعد أن كانوا لسنوات قليلة متخلفين عنا بنفس الحقبة الزمنية.. ألا تشعرون أيها السادة.. بكونه نوعا من التغيير.. انكم لربما مخطئون؟!
الديموقراطية أيها السادة هي الإيمان العميق بالرأي وهذا الأهم «بالرأي الآخر» فرأيك خطأ يحتمل الصواب ورأيي صواب يحتمل الخطأ، وليس كما ترون رأيكم صوابا لا يحتمل الخطأ أبدا، ورأينا خطأ لا يحتمل الصواب أبدا كذلك، الديموقراطية الصحيحة أيها السادة ان أخالفك الرأي على ان اكون على استعداد لأن ادفع حياتي ثمنا للسماح لك بإبداء رأيك لا كما ترون وتودون من رغبة بأن تدفع حياتك ـ وسمعتك ـ ثمنا لرأيك المخالف لرأيي!

السياسة أيها السادة هي فن الممكن وسياستكم يقوم صلبها على طلب المستحيل، السياسة أيها السادة هي المغفرة والتسامح والنسيان، وسياستكم تقوم للأسف على الكراهية وإساءة الظن وتشويه سمعة الخصوم بالحق أحيانا وبالباطل أحيانا أكثر.

اللعبة السياسية أيها السادة هي أقرب للعبة الرياضية الجميلة التي يسعد بها الجمهور ولعبتنا السياسية التي تديرونها من خارج ملاعبها المقررة أبكت جمهورنا وطفشته وطمشت علينا جماهير الجيران، اللعبة السياسية بمفهومها الصحيح أيها السادة تفخر بقلة أزماتها وأنتم تفخرون بأنكم تخلقون مع تصريح تطلقونه.. أزمة وكارثة سياسية جديدة، فمن علمكم ان السياسة لا تمارس إلا من خلال صنع الأزمات بدلا من حلها؟!

وليس في اللعبة السياسية الصحيحة أيها السادة أعداء أو أصدقاء دائمين، أما أنتم فقد فهمتم السياسة على انهم أعداء دائمون يضاف لهم مع كل إشراقة شمس أعداء جدد كانوا حتى الأمس القريب أصدقاء حميمين، اللعبة السياسية عند الأمم المتقدمة أيها السادة هي استبدال حراك الشارع بحوار البرلمان الهادئ والجميل، وأنتم أيها السادة استبدلتم حوار البرلمان بحراك الشارع وأصبح الميدان لا قبة البرلمان المكان الذي تغير به الدساتير وتخط به القوانين، فمن أي قواميس السياسة في العالم أتيتم بتلك المفاهيم المدمرة، غفر الله لكم؟!

آخر محطة:

أين الحكمة في أن يجدع الرجل أنفه أو يفقأ عينه لإغاظة زوجته؟ في المقابل أين الحكمة في التهديد بالبقاء في الشوارع والميادين ونشر الفوضى إذا لم يتحقق هذا الأمر أو ذاك للإضرار بالبلد، أليس البلد الذي تهددونه بالضرر وإيقاف حاله.. بلدكم كذلك؟!

samialnesf1@hotmail.com
المصدر جريدة الانباء

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.