هناك كوكبة من الباحثين في التراث والتاريخ والفنون الكويتية يمكن أن تشكل جهودهم لبنة أساسية لمتحف وطني نفتخر به، ونلاحظ بعض أعمالهم متناثرة بين لقاء تلفزيوني عابر أو مقالة صحافية عرضة للنسيان رغم الجهد الكبير الذي بذلوه لتأصيل المعلومة وتثبيتها، هؤلاء يجب الاهتمام بهم لبلورة فكرة إنشاء المتحف.
أول العمود:
600 مليون دينار وأكثر هي مبيعات الجمعيات التعاونية السنوية، هذا المبلغ الكبير يتطلب تفعيل مقترح رئيس اتحاد الجمعيات بتأسيس بنك تعاوني مستقل لإدارة هذه المبالغ لمصلحة رفاهية المساهمين. فهل من مجيب؟
***
أظن أنها مسألة معيبة جداً أن تفتقد دولة الكويت بعمرها الممتد منذ أكثر من 3 قرون لمتحف وطني يليق بالتاريخ الذي صنعه سكان هذا البلد في البحر والبر. من المعروف أن الغرض من المتاحف هو حفظ تاريخ الشعوب وسيرهم والمباهاة بهما أمام العالم، وتخليد ذكرى الجديرين بالتخليد.
حالة المتحف الوطني الواقع على شارع الخليج يرثى لها، فهو مهجور ولا يدخله أحد إلا في النادر لأنه غير مطور، ويمر على مقتنياته زوار يأتون ليس لمبنى المتحف بل لحضور الحفلات الموسيقية في المسرح التابع له! في المقابل، نشط العديد من المواطنين بأموالهم وجهودهم الذاتية في إقامة متاحف في منازلهم الخاصة أو في عقارات يمتلكونها كمتحف رجب في الجابرية، ومتحف الطريجي في الفيحاء، وهي متاحف تستحق الزيارة للقيمة العالية لمقتنياتها التي لا تقدر بثمن.
نحن اليوم فقدنا توثيق تاريخ الكويت في مسألة التجارة والغوص والسفر البحري، كما لا يوجد أي مرجع يوثق الحياة البدوية وتاريخها وشعرها ورجالاتها، وهذا الفعل يطمس تاريخ البلد، ويعمل على تغييبه أمام الأجيال الحالية، وهو ما يعتبر جريمة بحق.
الكويت بلد عربي منفتح وله صلات بمحيطه، مجتمعه مهاجر يمثل أطيافاً عديدة تحمل ثقافات استطاعت عبر الزمن أن تنصهر وتتحدث بلغة واحدة هي حب هذا البلد. وانفتاح الكويت هو الذي صنع تاريخها وجعلها شهيرة وجديرة بلقب “بلاد العرب”، فلا يعقل مع هذه الحقيقة أن تتبخر أحوال وحكايات قرون طويلة دون توثيق وشواهد.
كيف يمكن أن يتعرف الجيل الشاب أو الزائر على شخصيات أو أحداث تاريخية أو أدوات ومقتنيات البشر في هذه البقعة إن لم تكن معروضة وموثقة بالكامل وبأحدث تكنولوجيا المتاحف؟ من منّا اطلع على وثيقة الغوص، أو يعرف حياة المرأة البدوية ودورها اليومي في تسيير حياة الأسرة في بيئة صحراوية قاسية، وكذلك دور المرأة في الحضر وقت الغوص؟ من منّا اطلع على دور الأجانب في تعمير الكويت ومن هم؟ أسئلة كثيرة وعديدة تاهت إجاباتها على شكل مقتنيات متناثرة في بيوت خاصة أو مؤسسات أودعتها في المخازن والسراديب. هناك كوكبة من الباحثين في التراث والتاريخ والفنون الكويتية يمكن أن تشكل جهودهم لبنة أساسية لمتحف وطني نفتخر به، ونلاحظ بعض أعمالهم متناثرة بين لقاء تلفزيوني عابر أو مقالة صحافية عرضة للنسيان رغم الجهد الكبير الذي بذلوه لتأصيل المعلومة وتثبيتها، هؤلاء يجب الاهتمام بهم لبلورة فكرة إنشاء المتحف.
كما لا يفوتنا التذكير بأن وزارة التعليم العالي تخصص بعثات سنوية لدراسة الآثار وتخصص المتاحف والسياحة إلى بلدان عريقة كإيطاليا ونيوزيلندا، فأين هذه الطاقات؟
كنت ولا أزال، بحكم عملي في مجلس الأمة، أتساءل: أين النسخة الأصلية لدستوري 1938 و1962؟ أين كرسي الرئاسة الذي جلس عليه عبداللطيف ثنيان الغانم رئيس المجلس التأسيسي؟ لماذا لا يكون تاريخ الكويت تحت سقف واحد وفي مكان راق؟.
أسئلة نرفعها إلى وزير الإعلام الشاب الشيخ محمد العبدالله.
المصدر جريدة الجريدة
قم بكتابة اول تعليق