حسن عباس: إرادة الغالبية المتناقضة

الغالبية عندها مزاجية واضحة بحيث تختار ما تشاء وتسقط من حساباتها السياسية ما تشاء بلا قاعدة اخلاقية صحيحة (واحيانا بعنصرية بحتة). لاحظ معي التالي:
يهددون السلطة السورية ويحضون ويشجعون كل العالم والمنظمات الدولية التدخل لأجل اسقاطها بشتى الصور، كما يدعمون الجيش السوري الحر بالافراد (اسلاميين اجانب) والمال (لشراء اسلحة نوعية)، لكن أن يقول رئيس الحرس الثوري في ايران أن له اتفاقيات أمنية مشتركة ومستشارين لدى السلطة السورية فهو شر مطلق!
يهددون السلطة الكويتية باعتبار انها تريد التفرد بالسلطة وتحرم الشعب من أن يمارس صلاحياته، لكنهم في الوقت نفسه يمدحون دول خليجية أخرى ويثنون عليهم ليل نهار!
يريدون دولة دستورية ومؤسسات مدنية وفصل السلطات، لكنهم يجتمعون الليلة بالارادة للتأثير والضغط الشعبي على قرار دستوري سيصدر عن سلطة دستورية مستقلة اسمها المحكمة الدستورية!
وعلى سالفة المحكمة الدستورية، مشكلة المعارضة مع الحكومة وليست المحكمة والقضاء. فالمفترض أن التواجد في ساحة الإرادة لاجل التأثير على الحكومة وسحب طلبها، أما التوجه للتأثير على القضاء وارهابه وتخويفه بحشد الجماهير فهو نقيض المطالبة بالدولة الدستورية! فالتظاهر بالأساس هو للضغط على الحكومة كي تتراجع، وبما أنها لم تستجب فيعني ذلك أن الامر قد انتهى والرضوخ لقرار المحكمة سواء جاء على هوى هذا الطرف او ذاك، أصبح الامر مفعولا وفي عداد المنتهي وواجب التنفيذ، «يعني راحت عليكم وتأخرتوا!».
وما قاله أحمد الديين في مقابلته مع «الراي» انه لا يوجد تنازع في احالة قانون الدوائر للدستورية مضحك. كيف لا يوجد نزاع؟! إذا «علامكم» تلطمون وتنتحبون كل ليلة بالارادة؟ الحكومة أحالت الامر لانها تريد التغيير وأنتم «لا» تريدون، ألا ترى أنه يوجد طرفان احدهما يريد والثاني «لا» يريد؟ (رأيي واضح، فأنا شخصيا ضد الاحالة ولكني بصدد المناقشة لا اكثر).
البدون:
سمعنا أن التعليم مكفول، وان وزارة التربية توظف المعلمين البدون وتحب أن تدرسهم وأن تتكفل بمساعدتهم، لكن عمليا الحكومة لا تحبهم ولا تحب أن تساعدهم، لأن الادارة المركزية للبدون تشترط عليهم للمساعدة أمرا بسيطا جدا: «أن يعدلوا اوضاعهم». لو التعديل بهذه البساطة لما كان عندنا يالفضالة «بدون» من الاصل! يبدو أن الفضالة يريد من وراء هذا الشرط والله العالم أن يقول للحكومة انه عالج أحوال إدارته، نعم حتى ولو على الورق، المهم أن يقول لصاحب القرار اني سويت شي!

د. حسن عبدالله عباس
hasabba@gmail.com
المصدر جريدة الراي

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.