هل تخلص المواطن في بلدان الربيع العربي من ديكتاتورية السلطة الحاكمة حتى يقع في ديكتاتورية الشارع؟ وشتان مابين هاتيك الديكتاتوريتين!!
فالسلطة الحاكمة او زمرة السلطة الحاكمة لئن مارست حكم الاستبداد والتفرد بالسلطة او فشا بينها الفساد فهي تمارسه تحت سلطة القانون وباسم القانون باعتبار هي صانعة ومنتجة للقانون، ولكن ماذا عن ديكتاتورية الشارع التي لا ينظمها قانون ولا تخضع لنواميس السلطة غير انها مدفوعة بالفوضى يقودها الغوغاء والخلطاء ومن لا رأي او رؤية لهم سوى غريزة الانتقام والتخلص من الآخر؟!
راقبوا ماذا يحدث في بلدان الربيع العربي حيث القانون يغيب عن الشارع وحيث السلطات الحاكمة التي جاءت من رحم الشارع عاجزة عن اعادة الامن للشارع والاستقرار للبلد، فالفوضى لا تجلب الا مزيداً من الفوضى. والانتقام لا يجلب الا مزيداً من الانتقام فعندما يسيطر الجهلة والغوغاء والحمقى على الشارع. ماذا يمكن ان يتحقق غير تعطيل مصالح الدولة وتدهور الاوضاع المعيشية وتوقف او تراجع الانتاج..؟!!
هل نحن هنا في الكويت بعيدون عن هذا النموذج الغوغائي الذي ابتليت به تلك البلدان التي بدت مصدومة ومغلوبة على امرها ومسلوبة من سلطاتها؟ فنحن المثل الاقرب الى تلك البلدان من حيث سيطرة الجهلة والفوضويين والغوغائيين على الشارع، وحيث يُستغل شبابنا الغر البريء الذي لا مصلحة له باسم الوطن والوطنية الى ساحات النزاع والخلاف والفرز الطائفي والفرز الفئوي بدلاً من ان يتفرغ هؤلاء لمواصلة تعليمهم ان كانوا في المراحل التعليمية الاولية او جامعتهم ان كانوا في مرحلة التعليم الجامعية او وظائفهم ان كانوا على سلك التوظيف..!!
ان الحوارات الوطنية العقلانية والواعية لا تستقيم في ظل التشنجات والاحتقان والشد النفسي والتشكيك والطعن بالاخر، فهذا ليس سلوكاً حضارياً ولا هو السبيل الانجع لتحقيق الهدف الوطني، فمن يخاف على الوطن عليه ان يخاف على النسيج الاجتماعي الذي يحتويه الوطن، فللوطن ثلاثة اضلاع الارض والسلطة والمجتمع. فالاخلال باي ضلع هو اخلال ببقية الاضلاع.
ان الذين يفشون الفوضى في البلاد إما انهم مرضى بداء الانتقام واما غلبتهم نزعة الانانية والاثرة، الامر الذي افقدوا حياله رؤية الحقيقة ..!!
ليعُد الشارع الى هدوئه. ولتعُد السلطة الى عملها، ولنرفع جميعا شعار لا للفوضى ولا لديكتاتورية الشارع ولا مكان للمتجاوزين والغوغائيين..
ان الاوطان لا تبنى بالفوضى ولا تتقدم اذا سادها الغوغاء والانانيون والجهلة فلنحارب الشارع الذي ينحرف عن السلوك الحضاري…
حسن علي كرم
المصدر جريدة الوطن
قم بكتابة اول تعليق