مضاوي العثمان: أوراق المحبة بفروع الوطن

متى يبلغ البنيان يوماً تمامه
إذا كنت تبنيه وغيرك يهدم؟!
تقول المعتقدات الآسيوية إن كنت تريد أن يبتعد الشر عـــن أي إنسان عزيز عليك فابعث له طاقة المحبة الصادقة من أعماق قلبك، لأن المحبة كفيلة بإبعاد الشر مهما كان مصدره.
من منطلق شخصي، أرى أن أي أسرة أو جماعة أو مؤسسة أو أمة لا تضعف إلا بـعد أن يتهاوى التضامن والمـحبة بين أفرادها، خصوصا إذا سادت الغيرة والبغضاء، عندها تتلاشى وتتراجع هذه الطاقة الدافعة، فتحل النوائب ويتكــالب الأعــداء للنيل منها والوصول لمبتغاهم.
إن الاهتمام بالوطن والتعرف على مكنوناته واحترام خصوصياته، أفضل تـــعبير عــن محبتنا وإخلاصنا لــه، فثقافة الاهتمام تتصدر كل إحساس، فهي قوة الاحتواء والارتواء بقلب الوطـــن، لــننظر إلى واقعنا وواقــع الأمم العربية المتضررة سياسيا بسبب الأزمات والكوارث التــي فتكت بـــها نجدها تعاني أساسا مــن أزمـــة محبة واهتمام مــن قـــبل أبنائها ونــخبها الفاعلة، فبنظرة واحـــــدة نستطيع أن ندرك القصور في الوعـــي الثقافي للمجتمع السياسي للدولة.
صحيح أنه في السنوات الأخيرة ثمة وعي وطني كبير بدأ ينمو بين أبناء الأمة ولكن، قد يأخذ هــذا الوعي مجرى آخر بعيدا عن هذه الروح الوطنية الصادقة، حــــيث تـــنتهـــج العديد مــن الجماعات نــهجا يستقطب بعض الفئات الشبابية وإيهامهم بأنهم سيصبحون أحــد الأقـطاب السياسية البارزة في الدولة، وهذا ما يعكس ضعف هذه الجماعة وبشاعة نهجها.
من منطلق وطني أرى إن هذا الانقطاع عن الواقع قد يعود أساسا إلى ظروف القمع والدكتاتورية عــند بــعض الأمم والشعوب، فالخوف يمنع التفكير الــحر، ويــقتل روح الإبــداع والــمبادرة والتجديد والرغبة بالبناء، وبالتالي أصبح الحل الأسهل عند البعض هو استيراد ثقافة خارجية لا تتفق قلباً وقالباً مع مفهوم الوطنية.
وطنــــي وطــن حر يـــدعو لنبذ هذه الثقافة الدخيلة علـــينا، فنحن لا ندعو إلى التــعصب الوطني والانغلاق عــلى الخارج العربي والأجنبي، ولكننا مع مــبدأ «الأقربون أولى بالمعروف»، فالذي لا يهتــم بــشعبــه لا يــهتم ببـــاقي الإنسانية.. لنبتعد عـــن الضباب الكلامي ونـتحدث بشفافية، فالــحوار الــوطني يــجب أن تشهد كلماته بمصداقيته ولنعمل مـــن نهج ثقافتنا البناءة التي شهدها آباؤنا وعمّرها أجدادنا بتعاونهم وتكاتفهم أمــام المـحن، لــن تشفى أمتنا من مرضها المزمن، وسيظل شعبنا تائها حائرا بلا نخبة حكيمة تمثله وتعبر عن ضميره وتقوده نحو الاستقرار والكرامة إلا بعد فوات الأوان.
إضاءة: «ما نحن مقبلون عليه هو خريف يريد أن يسقط أوراق المحبة بفروع الوطن وجذوره، إن حب الوطن ليس شعارات وكــلاما طنــانا بل مبادرة بفعل يــعبر عنه بفكر ثقافي حــر بعيد عن الحزبية والطائفية والقبلية».
المصدر جريدة الكويتية

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.