أنا بالمناسبة من مؤيدي تقليص التصويت في الدوائر الخمس من اربعة الى واحد او صوتين بالاكثر. لاني اعتقد جازما ان هذا التقليص هو الضمان الحقيقي لان يكون التصويت فرديا وحرا وليس جمعيا، اي طائفيا او قبليا، يزيد من التفرقة والتقسيم الحالي. لكن مع هذا يبقى نظام الدوائر الخمس واربعة اصوات افضل كثيرا من نظام الدائرة الواحدة والقوائم والاحزاب الذي يحلم به البعض، وتؤيده مع الاسف بعض المجاميع والشخصيات الوطنية دون التحوط من عواقبه ونتائجه الواضحة في تعزيز الانقسام، وفي تكريس ثقافة الاقصاء بين الناس. نظام الدائرة الواحدة والقائمة الواحدة يعني ببساطة ان خمسة عشر في المائة او عشرين في المائة من الناخبين سيمثلون الامة، لانهم سيكونون قادرين اما على تحديد اعضاء المجلس الخمسين او اغلبية الاعضاء. وفي كلتا الحالتين سيكون بامكان هؤلاء الخمسة عشر في المائة، في الواقع حتى عشرة في المائة، اذا وصلت نسبة التصويت عند الخمسين في المائة، سيكون بامكانهم اقصاء الاخرين وفرض نظرتهم الاحادية على الجميع. وفي غياب وعي ديموقراطي حقيقي، وتحت هذا الاستهتار والانتهاك للمواد الدستورية وللمبادئ الديموقراطية، فان هذا ممكن جدا في ظل سيطرة العقليات والكتل الحالية.
كان في امكان الحكومة تعديل قانون الانتخاب بمرسوم، وكنا سنقبل بذلك، على الاقل اتحدث عن نفسي، باعتبار ان هناك سابقة في ذلك تمت عام 1981، وباعتبار ان التعديل بالفعل يحقق المصلحة الوطنية ويخدم تطور البلد وتوحده. لكن الحكومة اختارت ان تبحث عن غطاء دستوري ومضمون لهذا التعديل. واقنعها البعض بامكان ذلك للعيوب الدستورية في قانون الانتخاب. لكن الرياح لم تأت على مشتهى الحكومة، وحصّن حكم المحكمة الدستورية يوم امس الاول قانون الانتخاب، وفوّت بذلك فرصة التعديل على الحكومة. لقد وعدت الحكومة على لسان وزير الاعلام بحل مجلس 2009، واجراء الانتخابات على القانون الانتخابي الحالي، اي خمس دوائر بأربعة اصوات. لكنها فضلت التريث كما الزعم للبحث في دستورية قانون الانتخاب، فرصة التريث انقضت وحكم المحكمة الدستورية ألزم الحكومة باجراء الانتخابات وفق القانون الحالي.. فخير البر عاجله.
***
النقاشات الحوارية في ساحة الارادة حولت الساحة الى «هايدبارك» كويتي. بقي ان تسعى الجماعات الديموقراطية الحقيقية الى تحويلها قانونيا الى ساحة رأي حر، يتمتع فيها كل مواطن بحق عرض وجهة نظره من دون قيود قانونية او حدود اجتماعية، يعني حرية مطلقة %100 كما نص عليها الدستور، ولا يستثنى من هذا الاطلاق غير الذات الاميرية التي جرّم الدستور المساس بها. هذا عرض اختبار للمجاميع التي تدعي الحرية وتتزعم الدفاع عن الدستور، فهل لدى اي منها استعداد لتبني اقتراح تنظيم النقاشات في ساحة الارادة، مع تكرار ان الحرية في ساحة الارادة يجب ان تكون مطلقة من دون قيود او شروط؟.
عبداللطيف الدعيج
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق