عندما تتحدث الأرقام والبيانات المالية يصمت الجميع، للأرقام لغة واحدة وباتجاه صريح، الأرقام لا تضحك ولا تجامل ولا تنافق، إحدى أهم ميزات البيانات والارقام أنها لا تجمّ.ل الحقيقة، وعندما تطابق هوانا تكون جيدة، وعندما تعاكسنا تكون تعيسة.
ارقام الاسبوع الماضي كانت تتقاذف علينا كقاذفات الهاون أو «البي 7» قصف محكم ومن أماكن حساسة ودقيقة، الأولى جاءت من الإدارة المركزية للإحصاء حول التعداد السكاني 2011، وتشير البيانات الأولية الى:
– اختلالات في التركيبة السكانية تتضخم {c457ccac1452d3818271ab2011cbb9d08c0f4c36d5279f7e8d0cd5e61c92f6ca}30 من المواطنين و{c457ccac1452d3818271ab2011cbb9d08c0f4c36d5279f7e8d0cd5e61c92f6ca}70 من غير المواطنين، الكويتيون مليون وقليل، وغيرهم مليونان ونصف المليون، وأرقام كثيرة تتحدث عن اختلالات عميقة، وعمالة هامشية وتضخم قطاعات ومحافظات.
– الرقم التالي كان في جلسة مجلس الأمة الخاصة بالرواتب والزيادات 19 ملياراً ونصف المليار دينار كويتي المصروفات 2013/2012 والرواتب والزيادات 10 مليارات من الميزانية و{c457ccac1452d3818271ab2011cbb9d08c0f4c36d5279f7e8d0cd5e61c92f6ca}73 من إيرادات النفط تذهب للرواتب والسعر العادل للنفط 107 دولارات، لكي يكون هنالك فائض.
– تكلفة الزيادة المقرة من الحكومة الحالية، التي يستفيد منها أكثر من نصف مليون موظف هي 650 مليون دينار سنويا، وهذه الزيادة والتكلفة غير مرضيٍّ عنهما.
أرقام وأرقام تحدثت في جلسة المجلس الماضية، ولا نزال نعاني من أزمة الإضرابات التي كشفت عن وجوه سلبية أهمها الاستهلاك المفرط وعدم وجود بدائل محلية تساهم في استقرار الأسعار، أرقام أخرى تتحدث عن أن معدل السيارات في الكويت وصل إلى 10 سيارات لكل وحدة سكنية، وأن حرب الشوارع في الكويت تكلف 3 مليارات دينار سنويا.
خسائر «الكويتية» بالملايين، وخسارة «السمعة» كانت أكثر فداحة، أترى جميع هذه الارقام والبيانات التي تشير الى طرق مسدودة او خانقة، ونحتاج الى تحليل أو دراسة؟ وهل يعلم المسؤولون أن أي هزة لأسعار النفط أو مشكلة إقليمية ستكون آثارها الاقتصادية والاجتماعية مدمرة؟ ما الحلول أمام لغة الأرقام؟ مسؤولية الحكومة والمجلس مشتركة، ويجب البدء في حوار جدّي جانبي، أو بالمواجهة المباشرة، حديث يرقى الى ان الواقع الحالي مزعج وان المستقبل اكثر ايلاما اذا لم يتم الاتفاق على رؤية مشتركة لمشاكل التركيبة السكانية وتوظيف الشباب والاسكان وتردي الخدمات ومشاكل الارقام التي تقذفنا بلا هوادة!
د. محمد عبدالله العبدالجادر
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق