«الإخوان المسلمين» حركة دينية سياسية تحمل مشروع دولة وهي بذلك تختلف عن الحركات والجماعات الإسلامية الأخرى مثل الصوفية والتبليغ والسلفية، وان كانت السلفية في الفترة الأخيرة بدأت تقترب في أفكارها السياسية من حركة الإخوان المسلمين وتنافسها في العمل السياسي، لذلك نجد أن حركة الإخوان المسلمين منذ أن أنشأها الشيخ حسن البنا – رحمة الله – عليه عام 1928 قد بدأت في العمل الجماعي السياسي وأخذت الإسلام بصورة اشمل من الحركات الأخرى وركزت على الجانب الفكري والجهادي منه. وتمثل الميول السياسية في مؤسس الحركة بخوضه الانتخابات أكثر من مرة بدائرة الدرب الحمر بالقاهرة.
واعتناق الحركة التوجه السياسي وما يتضمنه من مشروع الدولة ادخلها في صراع مع الأحزاب الأخرى وعلى رأسها حزب الوفد اكبر الأحزاب في وقتها والحزب السعدي. كما ادخلها في صراع مع الحكم ما أدى إلى قيام النقراشي باشا رئيس الوزراء المصري بإصدار قرار حل الجماعة ومصادرة جميع أموالها واعتقال معظم أعضائها في 8 ديسمبر 1948. ووصل هذا الصدام إلى أوجه عندما تم اغتيال مؤسس الحركة الشيخ حسن البنا عام 1949 مساء السبت 12 فبراير. نتيجة لحسن التنظيم ودقته، وحجم الخسائر الذي تعرضت له حركة الأخوان المسلمين فقد تعلمت الحركة كثيرا في كيفية التعامل مع الواقع والمرحلية في تحقيق الأهداف، والقدرة على التكيف مع الأوضاع السياسية. وكانت بذلك تحقق انتصارات وإخفاقات. ولكن ذلك كله جعلها دائمة الوجود على الساحة، مستمرة في الانتشار بأشكال متعددة وبأسماء متفرقة منتظرة الفرصة لتحقيق حلم المرشد الأكبر في قيام دولة الإسلام وقيادة الأمة وفق الفكر والنهج الاخواني.
اعتقد أن قياديي الإخوان في العالم أصبحوا يرون أن حلمهم في قيادة الأمة أصبح بين أيديهم. وان معاناة السنين الطويلة حان قطاف ثمارها، ولكنهم تعلموا كثيرا من خطر الاستعجال فهم يتحركون الآن بذكاء اكبر، وبحذر شديد، محاولين إرسال رسائل تطمين للأنظمة والقوى السياسية الأخرى بان قيادتهم للعالم الاسلامي لن تكون الكابوس الجديد والدكتاتورية الدينية القادمة بعد التخلص من الدكتاتورية العائلية البائدة.
فدولة الإخوان المسلمين قادمة في بعض دول المنطقة ولكن السؤال هو. هل دول الخليج في حاجة إلى هكذا تغيير؟ وهل التغيير سيكون للأفضل؟ هذا ما سنطرحه في المقال القادم بإذن الله.
احمد المليفي
المصدر جريدة النهار
قم بكتابة اول تعليق