الدكتور عبيد الوسمي لمن لا يعرفه، هو خريج حقوق من جامعة الكويت بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف، وخريج ماجستير ودكتوراه من أميركا أيضًا بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف، وسبق له أن ألقى محاضرات في الكونغرس الأميركي وجامعة واشنطن فنّد من خلالها بعض بنود الدستور الأميركي وغيره من الدساتير. أي أنه ليس من جماعة دكتوراه (بو ربع) من جامعات (بو طقة)!
بعد حصوله على البكالوريوس تقدم بطلب للعمل في النيابة العامة ورُفِض طلبه في حين قُبِل من كانت نسبتهم أقل منه بكثير، فرفع دعوى على النيابة وكسبها، لكن نفسه طابت من العمل في النيابة، واتجه لإكمال دراساته العليا ليعمل بعدها مدرسا للقانون في جامعة الكويت، وخلال عمله كان -كما بلغني- يخصص يوم السبت الذي هو يوم راحة لإلقاء محاضرات إضافية تطوعًا وبلا مقابل خدمةً مجانية للطلبة..!
تلك نبذة مقتطفة من سجل الدكتور عبيد تبين جانبا من شخصيته ومبادئه التي يسير على نهجها وحبه للخدمة والإصلاح.
هذا الرجل الذي كُرِّم في أميركا، ضُرب وأهين وسُحل في وطنه الكويت، وسُجن خلف القضبان انفراديا وتحت حراسة مشددة كالقتلة ومروجي الخمور والمخدرات بسبب مواقف وطنية عبَّر عنها بكفالة الدستور الكويتي، فناله ما ناله، ولكن شاء الله أن يكون ضرْبه وسجنه سببا لوصوله إلى البرلمان بأصوات تجاوزت العشرين ألفا من دائرته في رسالة واضحة لمن ضربه وسجنه، أن كلمة الشعب هي التي تقرر، لا (مطاعات) الحكومة!
ليس هذا فقط، بل إن الدكتور عبيد بات رمزا من رموز الدولة، واستطاع في فترة قصيرة جدا أن يثبت أنه رقم صعب لا يستهان به، تتسابق الفضائيات لمقابلته، ويتطلع الكويتيون كافة، مؤيدوه وخصومه، إلى تصريحاته وآرائه حول تفاصيل التفاصيل في مجريات وأحداث المشهد السياسي والقانوني الراهن والماضي والقادم!
هو معارض شرس للحكومة، ولكن بنكهة مختلفة عما اتسم بها نهج الأغلبية التي يحرص د.عبيد بشدة وفي كل مناسبة على التأكيد أنه لا يعيش في جلبابها. لعله تميز عنهم بأنه أكثر منطقية وموضوعية في التعامل مع القضايا في الساحة، وهو مُنظِّر قانوني مذهل بعمق علمه وتبحره في مجاله، حديثه دائمًا صريح ومفيد وبعيد عن الضبابية، دقيق جدا في اختيار المفردات والمصطلحات القانونية التي تعزز فكرته وتوصلها بشكل صحيح للمتلقي، وغايته التي يسعى إليها بصدق وإخلاص هي احترام الكرامة الإنسانية وحرية الرأي، وتطبيق القوانين والعدالة بمسطرة واحدة على الجميع، ويكفيه شرفًا أنه حاز على ثقة ناخبيه بفكرِه وعلمه ونزاهته ونظافة سجله من صفقات تحت الطاولة، وليس بقضاء معاملات.. أو بـ (تكفون)!
وربما اعتبر بعض المراقبين مثاليته تلك مأخذا عليه، بل انتحارًا مهنيًا لمن يطمح إلى أن يكون سياسيًا (ناجحًا)!
هذا هو عبيد الوسمي، ولكن، (مزعجة هي كلمة ولكن بعد الإشادة)، وبعد أن جربناه كسنة أولى له في البرلمان، هل كان له إنجاز يُذكَر؟ أبدًا، لم نقبض منه إلا تنظيرا وتحليلا في القانون والعدالة، دون خطوات جادة على أرض الواقع، ربما لم يمهله العمر القصير للمجلس المبطل، ولكن الملاحَظ بكل تأكيد على أدائه أنه يحتاج إلى ترتيب لأولوياته والتخفيف من حدة مثاليته المطلقة، ليمنح نفسه مساحة أكبر من المرونة في معالجة القضايا والمشاريع والمقترحات، كما أنه يفتقر إلى ملكات العمل الجماعي كفريق، مما يضعف أثره في المجلس ووزنه في القرار!
دكتور عبيد، صاحب المأثورة (احترمونا نحترمكم)، أنت مشروع رجل دولة، تذكر فقط أنك مكمل لزملائك في المجلس، ولستَ ندًّا لهم..
mundahisha@gmail.com
Twitter @mundahisha
المصدر جريدة الكويتية
قم بكتابة اول تعليق