سامي خليفة: كيف الخروج من المأزق

انقسام شعبي شديد في الساحة السياسية يدل على حجم المشكلة التي تعاني منها الكويت وأَدّت إلى شبه جمود في عمل الحكومة والمجلس. فهناك من يستنكر بقاء مجلس 2009 رغم أنه عاد محصّناً بحكم قضائي، في وقت هناك من يريد عودته بكل سلبياته. وهناك من يرى أن النموذج الأمثل للتمثيل الشعبي كان في المجلس المبطل عام 2012، بينما يراه آخرون أنه كان نموذجا مشوّها أدى إلى تكريس حالة من الاضطراب في التعايش السلمي والاستقرار السياسي، وهناك من يعترض على استمرار بقاء الحكومة الحالية بعد تسويفها للوقت، ومماطلتها في إحالة قانون الانتخابات للمحكمة من أجل كسب الوقت وتعطيل مصالح الناس، بينما هناك من يرى أن الحكومة لا يمكن أن تعمل في ظل وجود معارضة سلبية تسعى للهدم لا البناء، وتمتثل للتأزيميين في عرقلة جهود الحكومة.
وهناك من لا يعتبر أن الحكم القضائي قد حصّن قانون الانتخابات بشكله الحالي، بينما هناك من لا يقبل بأقل من حل البرلمان الحالي والدعوة لانتخابات جديدة دون أي تغيير للدوائر الانتخابية استنادا لحكم المحكمة الدستورية الأخير، وأكثر من ذلك حين يصل الانقسام الشعبي إلى درجة لا يقبل البعض وجهات نظر البعض الآخر في آلية وشكل وماهية توزيع الدوائر الانتخابية وعدد التصويت من حيث عدد الدوائر أو عدد الأصوات.
وأمام معضلة الانقسام بشكل عام – والدوائر الانتخابية تحديداً – لابد من التركيز على بعدين أساسيين إذا ما أردنا الخروج من هذا المأزق والواقع المرير. أولهما الإيمان بالتعددية وثقافة قبول الآخر مهما اختلف بعضنا مع الآخر بالرأي، والاقتناع بأن اختلاف الرأي حتما سيثري الأفكار وينضج الاقتراحات ويقوّم المسار ويصلح الطريق، خاصة إذا ما اقترن بعامل حسن الظن والثقة ببعضنا البعض. بمعنى آخر لابد من تعزيز بعض العناصر الإيجابية في أدب الاختلاف وتغذية العمل التنافسي
بروح تكاملية بيننا.
أما البعد الثاني، فيكمن في أهمية الالتزام بمواقع المعالجة الدستورية لمشاكلنا، وأحسب أن هناك ثلاثة مواقع أساسية دستورية سليمة، أولها: أن تبادر الحكومة بتقديم مشروع قانون بتعديل الدوائر، وتتم مناقشته وإقراره في مجلس الأمة، أو أن يقدم النواب اقتراحاً بقانون لتعديل الدوائر الانتخابية، أو أن يصدر سمو الأمير مرسوم ضرورة بتعديل الدوائر الانتخابية في فترة حل مجلس الأمة، ويدعو سموه إلى انتخابات نيابية جديدة على ضوء القانون الجديد. أما أي حديث في موقع آخر غير تلك المواقع الثلاثة، فهو حديث يغلب عليه طابع الترف الفكري لمن يحسن الظن، والتسويق الانتخابي لمن يسيء الظن لا أكثر ولا أقل!
المصدر جريدة الكويتية

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.