أستغرب من بعض السياسيين وغيرهم ممن لايزال يعتقد بأنه يمكن لمجلس 2009 أن يباشر نشاطه ويكمل مدته. لا أجد تفسيرا لهذا الاعتقاد والترويج لإعادة إحياء مجلس 2009 سوى أنه يأتي من باب المناكفة للخصوم في الأغلبية، وإلا، فإن الكل يعلم بأن هذا المجلس قد تم حله من قبل الأمير، ولولا وقوع خطأ إجرائي في مرسوم حله، لما كان له وجود أبدا. وكون مجلس 2009 قائما من الناحية الدستورية، فهذا لا يعني أنه قابل للحياة أو الاستمرار، فهو بحكم الميت، دماغيا وسريريا، ولا ينتظر إلا إعلان الوفاة الرسمية مرة أخرى. والذي يقول إن الوضع قد تغير منذ حل مجلس 2009 في شهر ديسمبر الماضي، وإن الرغبة الأميرية في حله قد تكون تغيرت، نقول إن القاعدة المنطقية «الاستصحاب» تقضي بأن اليقين لا ينقضه إلا يقين آخر، فرغبة الأمير بحل مجلس 2009 يقين، ولا ينقض هذا اليقين سوى يقين آخر، وهو غير موجود حتى الآن.
على من يكافح من أجل إحياء مجلس 2009، بدلا من إضاعة وقته في أمر محسوم، عليه أن يعيد حساباته للمواقف التي تبناها في المرحلة السابقة، ويهيئ نفسه للانتخابات القادمة، وهي باتت قاب قوسين أو أدنى، حتى يقنع الناخبين برؤيته – إن كان لديه ثمة رؤية – وأنها هي الرؤية الصائبة، حتى ينعكس ذلك على حجم تمثيله في البرلمان القادم، وعندها يكون ذلك أبلغ رد على ما يشتكون منه من خطايا الأغلبية. الاكتفاء بمناكفة وتصيد أخطاء «الأغلبية» لن يجدي نفعا، وإنما ترتيب الصفوف وخلق رأي عام مختلف يغير من المزاج العام الذي حمل «الأغلبية» إلى مجلس 2012 هو الأنفع والأجدى.
إذا كان من مصلحة الحكومة والموالاة إضعاف نواب «الأغلبية» والحيلولة دون عودتهم كأغلبية في المجلس القادم، فإن عليهم الإسراع في حل مجلس 2009، لأن استمرار هذا المجلس سوف يعطي مادة إعلامية وانتخابية دسمة لنواب الأغلبية يعتاشون عليها. يكفي الحكومة ومؤيدوها ما ارتكبوه من أخطاء استراتيجية في الفترة السابقة، وإلا انطبق عليهم قول الشاعر «إلا الحماقة أعيت من يداويها». باختصار وبوضوح، كما ان إكرام الميت دفنه، فإن إكرام مجلس 2009 حله بأسرع وقت.
المصدر جريدة الكويتية
قم بكتابة اول تعليق