إذا كانت المحكمة الدستورية طوت ملف الدائرة الواحدة من خلال حكمها حول الدوائر الانتخابية، فإن ما يسمى بالأغلبية البرلمانية طوت هي الأخرى مشروع الإصلاح السياسي، من خلال تحويله إلى ورقة ضغط ليس إلا على الحكومة لثنيها عن خيار اللجوء إلى المحكمة الدستورية حول الدوائر، وهو أمر سيؤدي إلى إهمال هذا المشروع سنوات طوالا.
مشروع الإصلاح السياسي كان يفترض أن يطرح على جدول أعمال مجلس 2012 بعد الجلسة الافتتاحية، وخاصة أن مضمونه أشبع بحثا في اللجان البرلمانية، فمقترح إشهار التنظيمات السياسية الذي تقدم به النائب علي الراشد سبق أن أشبع بحثا وأنجزته اللجان المختصة، ولم يكن يحتاج سوى إلى طلب التقرير والتصويت عليه، كما أن مقترح تخفيض سن الناخب أغرق بحثا هو الآخر، وكان يمكن أن يكون إنجازا لمجلس 2012 لكن غياب الجدية أدى إلى تجاهله.
مشروع انتخاب النائب العام الذي يمثل المواطنين تجاه التجاوزات التي تحدث على صعيد الدولة، وكذلك مشروع انتخاب المحافظين في المحافظات الست لم يحظى هو الآخر بالتفاتة مما يسمى بالأغلبية البرلمانية، وكذلك مشروع إصلاح الأجهزة الأمنية، ولا أحد يستطيع إقناعنا بأن مهلة أربعة أشهر حصلت عليها تلك الأغلبية ليست كافية لإنجاز تلك المشاريع، فهي أي تلك الأغلبية لم تمنح الحكومة نفس المهلة من أجل معالجة أي من الملفات العالقة.
نواب ما يسمى بالأغلبية البرلمانية يعتقدون أن الحصول على مناصب مجلس الأمة هو الإنجاز، ونحن نقول لهم إن من يشغل تلك المناصب لا يعنينا أبدا، فالمعركة الحقيقية هي العمل على تطوير المشهد السياسي احتكاما إلى الثغرات والاحتقانات التي يعيشها ذلك المشهد، وتجاهل تلك الاحتقانات والثغرات من جانب تلك الأغلبية كان له آثاره السلبية على الحراك الشعبي، وهو ما نحصده اليوم.
تطوير المشهد السياسي ليس ترفا بل هو مدخل لتحسين الأوضاع الاقتصادية ووضع الطبقة الوسطى الذي تآكل كثيرا بسبب السياسات الحكومية غير المدروسة، مما أثقل كاهل تلك الطبقة. ودون أن يكون هناك إصلاح للوضع السياسي لن يكون هناك إصلاح للأوضاع الأخرى، بدءا من الأوضاع الاقتصادية وانتهاء بالأوضاع التعليمية والصحية، وتلك الكتلة تعرف جيدا أن هناك احتقانا بسبب تجاهل تلك الأمور، لكنها تتعمد تجاهله من أجل مكاسب ثانوية.
المصدر جريدة الكويتية
قم بكتابة اول تعليق