إبراهيم لعوضي: لحل بمسرحياتنا

للسفر فوائد متعددة حيث يقول الإمام الشافعي عنه : تغرب في الأوطان في طلب العلى – وسافر ففي الأسفار خمس فوائد، تفريج هم واكتساب معيشة – وعلم وآداب وصحبة ماجد. كما يذكر أبي منصور عبدالملك الثعالبي في كتابه زاد الملوك في السفر ومدحه وذمه ومحاسن الأخلاق فيه أن من فضائل السفر، أن صاحبه يرى من عجائب الأمصار، ومن بدائع الأقطار ومحاسن الآثار ما يزيده علما بقدرة الله تعالى. ولأن المذكورين من السابقين الأولين، فإنه قد فاتهم ما أحدثته التكنولوجيا من أثر في تسهيل وتيسير حال الناس في السفر وفي قضاء أوقات فراغهم في حلهم والأهم من ذلك في ترحالهم، بل أصبحت واقعا يوميا نتعايشه مهما كان حالنا.
ونظرا لسفري لفترة طويلة خارج البلاد وعلى الرغم من عدم تعلقي بمتابعة البرامج والمحطات المتلفزة وهي عادة لي منذ الصغر، إلا أنني اضطررت ولإشغال وقت فراغي، في تحميل عدد لا بأس به من المسرحيات والمسلسلات الكويتية القديمة لعل وعسى أن تعينني على قضاء الساعات المملة خصوصا في أوقات الليل الطويل. الشاهد، بأنني ومنذ أن بدأت بتشغيل المسرحية الاولى (حامي الديار) من تأليف الكاتب عبد الامير التركي والتي عرضت على خشبة المسرح قبل خمسة وعشرين عاما مرورا بمسرحيتي (انتخبوا أم علي) وكذلك (الكرة مدورة) من تأليف محمد المرشود، متبوعا بعدد آخر من المسرحيات القديمة كفرسان المناخ وفرحة الأمة، وجدت نفسي متوقفا عند عدد من النقاط المهمة التي يجب أن أوجزها باختصار لتعم الفائدة.
أولا، كان هناك بالفعل مسرح واقعي ذو أهداف واضحة ومحددة يحاول من خلاله فريق العمل ايصال الرسائل لذوي الاختصاص وشرح واقع الحال وإيجاد الحلول الواقعية والملموسة بعيدا عن بعض المسرحيات الهزيلة الحالية التي لا نجد فيها سوى ( الطنازه) و(الضغاط) بين الممثلين دون أن يكون لمثل هذه المسرحيات الأهداف المأمول منها. أضف إلى ذلك، كان للمؤلف المسرحي دور حقيقي في شرح وعرض الوضع العام في البلد وفي طرح القضايا المصيرية والمهمة التي كانت تمس المواطن الكويتي وفي طرح السبل والوسائل التي قد تساهم في علاج أي اختلال أو عيب في قضية ما.
واقعيا وإذا ما أخذنا على سبيل المثال المسرحيات المذكورة في بداية المقال، لوجدنا أنها قد تطرقت لعدد من القضايا التي كانت وما زالت تشكل عائقا في واقعنا الحالي، من قضية البدون إلى دور المرأة السياسي والاجتماعي في المجتمع والخلافات الحزبية والتعددية والعلاقة بين التيار الديني والليبرالي وفي قضايا الرياضة ومشاكل التفرغ الرياضي وضعف المنشآت وإهمال الدولة لقطاع الشباب وانتشار المحسوبية والواسطة والتنفيع مرورا بقضية توحيد الجنسية وإسقاط القروض وموضوع عدم قدرة الدولة على توفير المسكن المناسب للأسر الكويتية إلا بعد فترة انتظار طويلة وسوء الخدمات الصحية وغيرها من القضايا التي نشأت معنا منذ صغرنا حتى يومنا هذا، وكأن عقارب الساعة قد توقفت منذ ذلك الحين فتوقف معها عقل الحكومة في إيجاد الحال المناسب لمثل هذه القضايا.
كما أن عددا من المسرحيات قد قدمت استقراء مثاليا وواضحا لمستقبل الكويت آنذاك لنعيشه اليوم واقعا حقيقيا حتى أن صديقا لي قال مازحا بعد أن شرحت له وجهت نظري، بأن من كتب مسرحية حامي الديار كان ساحرا!!! لذلك أجد أنه وليعي الوزراء المعنيون معاناتنا وواقع حالنا وما أصاب البلد من شلل وفوضى ومشاكل وسوء إدارة وتعطل ولمعرفة قضايانا المهمة وكيفية حلها، فإنه ما عليهم سوى أن يشاهدوا عددا من المسرحيات القديمة بعد أخذ إجازة خاصة للسفر وليأخذوا ما جاء بها من حلول لتطبق على أرض الواقع بعيدا عن جيش المستشارين من حولهم لعل وعسى أن يصلح الله حالنا. والله المستعان.

boadeeb@yahoo.com
المصدر جريدة الراي

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.