صالح الغنام: تنازلوا وإلا

أتصور بأن من حق مسلم البراك أن “يتميلح” أمام ناخبيه ويطالب المتضررين من اقتحام مبنى تلفزيون “الوطن” التنازل عن القضية التي تسببت بصدور أحكام بالحبس ضد الشباب المقتحمين – نسأل الله لهم اللطف والسلامة – وأتصور أيضا, بأن من حق فيصل المسلم أن يأخذ راحته بالتحريض وإظهار الأحكام وكأنها موجهة ضد فئة بعينها. نعم, من حق الاثنين أن يتصرفا على هذا الأساس, ولا لوم عليهما, فلكثرة ما انصاعت لهما الحكومة وتراجعت وتنازلت, صارا يفترضان أن كل من هو على هذه الأرض حق عليه الامتثال لهما ولأشباههما! أنا متأكد بأن الأمور قد التبست عليهما, وإلا لما قالا ما قالاه, فمن في قلبه ذرة عطف ورحمة, لأشفق على هؤلاء الشباب الذين اقتحموا “الوطن” في فورة غضب أشعله في نفوسهم من لا يخشى الله تعالى ولا يكترث لمستقبل شباب في مقتبل العمر!
كان حري بمسلم البراك وفيصل المسلم, أن ينبذا الاستعلاء والتصرف ب¯”طاووسية” في هذا الموقف الجلل, وكان عليهما أن يبحثا في سبل عديدة – ليس من بينها لغة التهديد – لإيجاد مخارج تنقذ هؤلاء الشباب من المأزق الذي وقعوا فيه, كان عليهما أن يتبنيا إصدار بيان باسم الشباب المقتحمين, يعترفون فيه بخطئهم ويبدون ندمهم وأسفهم لما جرى منهم في ساعة غضب, ويطلبون فيه من ملاك “الوطن” والمتضررين جراء الاقتحام, العفو والسماح. هذه هي الأصول, وهذا هو الواجب الذي يفترض أن يتبعه كل من تحسر على الأحكام الصادرة بحق الشباب المغرر به. المقتحمون أولادنا, ويسوؤنا أن ينتهي حالهم إلى ما انتهى إليه, فإن كان مسلم والمسلم يشعران بالذنب وبتأنيب الضمير, فما عليهما إلا اتخاذ هذه الخطوة كي ينقذا الشباب من مصيرهم المظلم.
هل سيفعلان هذا? مفروض أن يفعلا. ولكن هيهات أن يفعلا, فهما – وخصوصا مسلم البراك – يرفع القضايا صباح مساء ضد كل من يقول له: أُف, ومع ذلك لم نسمع بتنازله عن أحكام صدرت لمصلحته, فكيف له وهو “فاقد الشيء” أن يجرؤ بالطلب من أشخاص وجهات أهلية التنازل عن أحكام صدرت لمصلحتهم بناء على ضرر وقع عليهم? ما حدث لتلفزيون “الوطن” قابل للحدوث مرة ومرات أخرى لجهات عدة, لذلك, فإن على السائرين خلف المحرضين الانتباه إلى أن الاقتحامات واستخدام العنف اللفظي والاعتداء على الآخرين وإتلاف ممتلكات الغير سيكون مصيره المحتوم خلف القضبان, فالمسألة ليست لعبا أو نزهة ستنتهي بالضحك وإلقاء النكات, فإن كنتم مستعدين لكل هذا, فلتتحملوا النتائج بطيب خاطر, ولتدفعوا الثمن وأنتم مطمئنون وموقنون بوجاهة فعلكم… حسبي الله على من غرر بالشباب المسكين وأحرق قلوب أهليهم!
salehpen@hotmail.com
المصدر جريدة السياسة

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.