قرار وزير التربية بفصل الطالب عن ولي أمره المعلم مؤشر حقيقي على أزمة إدارة تعيشها المؤسسات الحكومية بشكل عام، وهي تعبير أيضا عن رداءة معايير التعيين في المناصب القيادية في تلك المؤسسات بما فيها منصب الوزير، فعندما تبعد الكفاءات عن إدارة مرافق الدولة لمصلحة قلة من المنافقين والمتملقين، وليس الأمر تعميما، سنرى مثل تلك القرارات المرتجلة.
التعليم في انحدار رغم كل الموارد المخصصة له بسبب ضعف البنية الحكومية وعدم قدرتها على الاستفادة من التطورات التي يمر بها العالم، ولو نظرنا إلى بلد مثل الأردن كمثال وهو أقل من الكويت من ناحية القدرة المالية فسنجد أنه أكثر تطورا على هذا الصعيد، ويحقق التعليم لديه نتائج تفوق بكثير النتائج التي يحققها التعليم في بلادنا، مما يدعو إلى ضرورة التفكير جديا من جانب الحكومة بالبحث عن بدائل من أجل إنقاذ التعليم من مثل تلك القرارات.
هناك ماليزيا التي أصبحت نموذجا لتحول التعليم إلى فلسفة وطنية تعمل على إعداد مواطن نشيط ومنتج وقادر على مواجهة تحديات العصر، وقادر أيضا على تحمل مسؤولية التنمية الوطنية، وتحقيق رخاء الأسرة والمجتمع والوطن ككل، ولولا تلك التجربة المتميزة لما تمكنت ماليزيا من التحول إلى قوة صناعية مؤثرة في محيطها والعالم أجمع، فالتعليم هو المدخل الحقيقي لإحداث تغيير في المجتمع، ودفعه نحو الإنتاج والتطور بعيدا عن الآفات التي تعيشها دول العالم الثالث.
التعليم في البلاد يعيش حالة من الترهل والجمود، وأسباب ذلك كثيرة أبرزها ضخامة الجهاز الإداري الذي يخدم ثلاثية التعليم (المعلم، الطالب، المدرسة) مما سبب الكثير من الاختناقات في العملية التربوية، وما قرار فصل الطالب عن ولي أمره المعلم إلا نموذجا على عجز ذلك الجهاز الضخم عن القيام بدور إيجابي في العملية التربوية، وربما هناك قرارات كثيرة شبيهة بذلك القرار لكنها لم تحظ بالتغطية الإعلامية المناسبة.
قرار الوزير كان فصل الطالب عن ولي أمره المعلم في جميع المراحل التعليمية، بما في ذلك كما يبدو لي في الجامعة والمعاهد التطبيقية، فالقضية ولي أمر معلم وطالب ولابد من فصلهما في أي مكان، لكن بعد صدور القرار حاول بعض النواب الضغط على الوزير لإعادة النظر فيه لكونه قرارا لا يعني شيئا في العملية التربوية، بل ربما يكون له تأثير نفسي يضعف من قدرة المعلم على العطاء.
بعد كل هذا الضجيج ماذا فعل الوزير؟ قام باستثناء مرحلتين هما الابتدائي والمتوسط من قراره، فماذا تبقى من ذلك القرار فصل الطالب عن ولي أمره في المرحلة الثانوية فقط وربما الجامعة والمعاهد التطبيقية، ولو سألنا الوزير عن مبررات الاستثناء حتما لن نجد لديه جوابا لأنه لا يعرف أصلا مبررات قراره بفصل الطالب عن ولي أمره المعلم، فالقضية ليست سوى ارتجال وفكرة عابرة!
المصدر جريدة الكويتية
قم بكتابة اول تعليق