النائب صالح الملا الظاهر تأثر كثيرا بمنطق جماعة المقاطعة وأسلوبها، او ربما اصبح واحدا منهم، فهو كما هو معلوم حضر جانبا من تجمعات «المقاطعة» في ساحة الارادة. يوم امس صكنا بفتوى قاطعة بان حق إصدار مراسيم الضرورة وفقا للمادة 71 ليس مطلقاً، ولا يخضع للأهواء والرغبات، فذلك مقيد باتخاذ تدابير لا تحتمل التأخير. المادة التي يفسرها النائب الملا على هواه اجازت لـ«الامير» وحيدا ان يقدر مدى اهمية التدابير وضرورتها التي تتطلب ممارستها اصدارها بقانون. ان الامير هو الذي يقدّر وبالتالي يقرر ما اذا كانت الضرورة تستدعي اصدار مرسوم او التريث الى حين انتخاب او انعقاد مجلس الامة. وبالتالي فهو وحيدا ومن دون شروط او التزامات ــ إلا عرض المراسيم على مجلس الامة ــ يملك حق تقدير اهمية التدابير، أي، ومع الاعتذار للنائب الملا وجماعة المقاطعة معاه، فان «رغبة» الامير لا يمنعها إلا شرط ألا يكون القانون المزمع اصداره بمرسوم مخالفا للدستور او للتقديرات المالية الواردة في الميزانية.
يردد جماعة المقاطعة، واليوم انضم لهم الديموقراطيان، المنبر والتحالف، بان الحكومة تنوي «العبث» بقانون الانتخاب، ولهذا هم ضد هذا العبث. طبعا جماعة المقاطعة هددوا، وفي الواقع نزلوا الى الشارع مسبقا، لمنع الحكومة من العبث المزعوم. الديموقراطيان حتى الان يكتفيان باصدار البيانات واطلاق التصريحات. هذه الجماعات لديها نواب وممثلون، وحتى كتل داخل مجلس الامة. فما الذي يمنعهم من ممارسة حقهم الديموقراطي والدستوري ومنع الحكومة من ممارسة «العبث» المزعوم في قانون الانتخابات؟! لماذا لا نمنع الحكومة ديموقراطيا ودستوريا من داخل مجلس الامة؟! ولماذا يصر المنبر الديموقراطي والتحالف والوطني الديموقراطي، وقبلهم بالطبع جماعة المقاطعة على استخدام «الشارع» وبضعة آلاف من الناخبين، للتصدي للعبث المزعوم، بينما مجلس الامة موجود وهم يملكون فيه كما بيّنا الاعضاء والكتل وفي الواقع الاغلبية ايضا؟!
ان ما لا يدركه، او بالاحرى ما يسعى البعض الى انكاره هو ان مجلس 2009 هو مجلس الامة الشرعي اليوم، وبالتالي تصبح محاولة اعاقة عقد جلساته او منع الحكومة من عرض قانون تعديل الدوائر عليه انتهاكا دستوريا وتعديا من حفنة من النواب على سيادة الامة التي يدعون ويتغنون بالدفاع عنها. ان الامير يملك بموجب المادة 88 من الدستور الدعوة بمرسوم الى اجتماع غير عادي تعرض فيه الحكومة تصورها لظروف اجراء الانتخابات المقبلة، واذا ما رفض الديموقراطيون والمقاطعون حضور الجلسة، فان الحكومة تصبح معذورة اذا عدلت في قانون الانتخاب الحالي او اصدرت قانونا جديداً.
***
الجنون الذي مارسه سائق الدورية رقم 6663، التي مرقت بسرعة بين صفوف المتظاهرين «البدون» يوم امس الاول، يجب الا يمر من دون اعتذار من وزارة الداخلية ومن دون توبيخ علني للسائق امام الملأ، حتى يعي رجال القوات الخاصة وغيرهم ان البدون «روح» حقوق انسانية يجب الا تمس مهما كانت «الاوامر» او الظروف.
عبداللطيف الدعيج
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق