
إن شيوع فقدان المصداقية لدى المواطن العادي يعتبر واحدا من اهم اسباب انتشار الفساد وصعوبة منعه ومكافحته.
انه المواطن الذي لا يلتزم بمواعيد الدوام، او البقاء في مكتبه طوال دوامه، او الاهتمام بانجاز العمل المنوط به، او بادائه بالجودة والامانة المطلوبتين، ثم يكون اول المسارعين الى المطالبة بالزيادات والمزايا المالية والمكافآت ومقابل عمل اضافي وما إليه، ويكون اول المتقدمين في صفوف المضربين عند تصعيد مثل هذه المطالبات، واول من يتظلمون الى المحكمة الادارية اذا تجاوزته الترقية. وهو نفسه الذي يحرص على استيفاء حقه اولا بأول من عدد مرات الاستئذان والتأخير والاجازات الطارئة المنصوص عليها في النظم الادارية. ولا يصيبه المرض الا قبيل وبعد الاجازات الرسمية، وتتسع رعايته ليدفع ابناءه الى التغيب عن مدارسهم للتمتع بإجازة للخروج للبر او السفر. وهو نفسه الذي يبحث عن الواسطة للندب الى مكان عمل لا يعمل فيه، واذا يئس يبحث عن واسطة اخرى للتقاعد بدواع طبية، مع حصوله على معاش تأميني كامل، ثم يسجل زوجته في احدى الشركات الورقية ليتقاضى في نهاية الشهر بدل العمالة. وفي فصل الصيف يبحث عن متمارض يرافقه او مرض يدعيه ليتمتع بإجازة على نفقة الدولة. وطوال حياته يمتنع عن تسديد الفواتير المستحقة عليه من كهرباء وماء وغيرها ما لم يجبر على سدادها. وينخرط في صفوف المطالبين بإسقاط قروضه الاستهلاكية التي انفقها في كماليات لم يكن في حاجة حقيقية إليها.
إنه هو نفسه الذي يجلس الى رفاقه في الديوانية ليبدع في عرض الطروحات الاصلاحية، وكذلك يفعل عندما ينزوي في حجرته مدونا افكاره عبر شبكات التواصل الاجتماعي ليمهرها باسمه الصريح باعتباره مناضلا، ويغدو خطيبا مفوها عندما يشارك زملاءه في ساحات الرفض والمطالبات السياسية.
أليس من الاجدر ان يحتفظ كل بأحجاره لنفسه حتى يتطهر من خطاياه، ويستبدل بيته الزجاجي بآخر اكثر صلابة؟!
عبد الحميد علي عبد المنعم
aa2monem@gmail.com
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق