محافظ البنك المركزي صرّح بان «مبدأ اسقاط القروض فيه ضرر كبير على المجتمع وعلى القطاع المصرفي، وفيه إخلال واضح بمبدأ العدالة».. كلام جميل، وهل يوجد اعظم من العدالة التى ينشدها كل مواطن؟!.. لم تكتمل فرحتنا بعدالة السيد المحافظ حتى شرحها لنا في التصريح نفسه، حيث قال انه «تم تفويض وزير المالية لدراسة ملف شراء الأصول حتى لا يبرز هناك أي اختلاف في وجهات النظر في ما يتعلق بهذا الموضوع»، ويبدو ان العدالة التي يتبناها البنك المركزي المقصود بها حماية القطاع الخاص على حساب اصحاب الدخول المحدودة والطبقة الوسطى وعامة افراد الشعب..
ان كنا نتكلم عن الحقوق العامة فى المواطنة فالكل سواسية: الغني والفقير والتاجر والموظف واصحاب المؤسسات والافراد، ولا يجوز ان تنظر الدولة ومؤسساتها المالية بعين الرحمة لفئة من دون اخرى، ولا تميز بين عناصر الوطن في وقت الكوارث والازمات..
البنك المركزي احد اطراف كارثة القروض في الكويت لعدم قيامه بمتابعة اعمال البنوك والشركات الاستثمارية في العقد الماضي، وصحوته المتأخرة بعد ان «طاحت الفاس بالراس» وصاح الناس من وطأة القروض والفوائد، كما ان «المركزي» شريك رئيسي في عجزه عن مراقبة اداء الشركات الاستثمارية الخاضعة لرقابته وتطبيقها للقوانين المالية المنظمة لعملها، خصوصا لطرق تمويلها، فظهرت لنا كارثة الشركات الورقية التي اصبحت قيمتها لا تساوي الورق الذي تكتب عليه بياناتها..
الآن يتكلم السيد المحافظ عن شراء الاصول لمحاولة انقاذ شركات غير كفؤة، ولم تعمل وفق الاجراءات المعتبرة، بدلا من محاسبة ادارتها وكشف المتسببين في انهيارها، وكأن الدولة اصبحت مسؤولة عن خسارة القطاع الخاص، او سوء ادارتهم او معنية بمكافأة الشركات المريبة والمجهولة.. لماذا يتدخل مال الدولة لانقاذ الشركات، ولا يتدخل لانقاذ المواطنين؟ لماذا يسارع البنك المركزي لنجدة شركات لا تستحق، ويتعالى عن مساعدة المواطنين، وهم احق واعظم حاجة؟ شركات ومؤسسات مالية فاشلة لا تنفذ مشاريع تشغيلية ولا تقدم قيمة مضافة للبلد، ولا تدفع ضرائب على ارباحها، وتتحصل على دعم من الدولة، ولا توفر فرصا وظيفية فعلية للمواطنين، وتخسر في اغلب الحالات بسبب سوء ادارتها وتلاعبها، ويريد البنك المركزي حمايتها وتعويض مموليها.. «مو كافي تطبيق القانون على ناس وناس حتى المال العام خليتوه حق ناس وناس؟!».. يا محافظ البنك المركزي .. لا تخليها بذمتك، والله الموفق.
وليد عبدالله الغانم
waleedalghanim.blogspot.com
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق