مخطئ من يعتقد بأنه يمكن الاستمرار بالهيكلية الحالية للسلطة التنفيذية، وخصوصا مع تطور نظم الإدارة، وتبني ما يسمى «الحكومات الصغيرة» في أغلب دول العالم المتطور، ومادامت الأزمة الحقيقية في البلاد أزمة إدارة، فيفترض بالمعنيين وضع خطة لتطوير البنى الحكومية وإعادة صياغتها، من أجل توفير المرونة اللازمة لإنجاز المشاريع والمقترحات والأفكار، بدلا من ضياعها في دهاليز البنى الحالية.
قبل وضع خطط وبرامج لتطوير الخدمات الصحية والتعليمية وغيرها من الخدمات، لابد من الشروع في الاستعانة بشركات دولية متخصصة لدراسة الوضع الحكومي بتفاصيله، والخروج بعد ذلك بهيكل تنظيمي يضمن تنفيذ تلك الخدمات على وجه السرعة، لأن الهيكل الحالي كما يبدو للكثيرين بات مشلولا وعاجزا أمام الحاجات الملحة للمواطن فما بالك ببقية الخدمات، وإن لم نستعجل في حسم الوضع الحكومي، فلن نكون قادرين على السير جنبا إلى جنب مع التطورات الدولية.
هناك الكثير من المؤسسات في الدولة بحاجة إلى إلغاء، وأخرى بحاجة إلى الدمج مع مؤسسات أخرى، وثالثة بحاجة إلى تعديل في أهدافها ومراميها، ومع ذلك لا نجد من يتخذ مثل تلك الخطوة، فالجميع يتفرج رغم معرفته التامة بأن بقاء مثل تلك المؤسسات على حالها إنما يعني في حقيقة الأمر هدرا للوقت والجهد والمال العام، والأمثلة كثيرة على تلك المؤسسات.
محور إعادة النظر في البنى الحالية يفترض أن يضع في حسبانه توزيع السلطة على الهياكل الإدارية الأقل، أي إعطاء دور أكبر للمحافظات في عملية التنمية، وتوفير الخدمات الصحية، وإعطاء دور أكبر للمحافظين، بشرط أن يكون أولئك خيارا شعبيا لا خيارا حكوميا، وأن توزع الميزانية العامة للدولة سنويا على المحافظات الست لتعمل هي بشكل مباشر على توفير الخدمات لساكنيها، وربما يكون من الأفضل عقد مسابقة سنوية بين تلك المحافظات بخصوص من تمكن من تنفيذ خططه السنوية كما يجب على صعيد التنمية والتطوير، ولتكن المكافأة زيادة في الميزانية على بقية المحافظات، حتى نخلق في ما بينها تنافسا على خدمة المواطن.
الاستمرار في الوضع الحالي يعني الاستمرار في الاختناقات والانسدادات، وما الأزمة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية حاليا إلا انعكاسا لتلك الهياكل البالية، ولا يمكن الخروج من وضع كهذا بالاكتفاء بالتفرج من بعيد، بل لابد أن تكون هناك مبادرة جادة على هذا الصعيد، وربما يكون من الأفضل أن يتبنى الديوان الأميري -كمؤسسة حيادية هدفها إنجاح السلطة التنفيذية- مشروعا متكاملا لإعادة صياغة البنى الحكومية، وخصوصا أن وزير الديوان الأميري الشيخ ناصر صباح الأحمد مؤهل أكثر من غيره لمثل تلك المشاريع.
المصدر جريدة الكويتية
قم بكتابة اول تعليق