الى اي مدى نستطيع ان نفهم معارضة المنبريين والتحالف الوطني لمسألة تعديل قانون الدوائر، هل هذا الاعتراض نابع لمخالفة التعديل لاحكام الدستور، ام لاعتقادهم وقناعتهم بأن القانون الحالي ذي الخمس دوائر واربعة اصوات هو القانون المثالي والملبي للرغبات الشعبية، ام ان مصلحتهم الانتخابية (وهنا بيت القصيد) تكمن في بقاء الوضع على ماهو عليه؟!!
فالمنبريون والتحالف لم يشرحوا وجهات نظرهم تفصيلاً حتى نفهم مكمن اعتراضهم على تعديل الدوائر، بقدر ما قرأنا عن بعضهم تحذيرات وانذارات وتهديدات للحكومة، ان هي اتجهت نحو التعديل، وكان عليهم حتى يقنعوا على الاقل قواعدهم وناخبيهم وان يشرحوا اسباب ومبررات ذلك الاعتراض. ويبدو انهم قد باتوا لا يعولون كثيرا على قواعدهم ولا يعطون شأنا لناخبيهم، واذا صح فذلك عين الغرور والحماقة، فعلى اي شيء يعولون ويستندون اذا تجاهلوا قواعدهم وناخبيهم، فماذا يتبقى من رصيدهم الشعبي، الا اذا دخلوا (وهذا الموقف المريب) في تحالفات ووعود واتفاقات قضيت تحت الطاولة وخلف الأبواب المغلقة وفي الظلام الدامس مع القوى «والتيارات الاسلاموية القبلية على حسبة شيلني واشيلك وعطني واعطيك وقصة بقصة (…) ولا عزاء بعد ذلك للناخبين ولا عزاء للوطن مادامت مصالح الناخبين الطيبين ومصلحة الوطن قد نحرت من الوريد الى الوريد على مذبحة مصالح القيادات السياسية وقياداتها المبجلة..!!
ولعل ما يريب حقيقة هو اجتماع مرزوق الغانم التاجر ابن التاجر وابن رئيس غرفة تجارة وصناعة الكويت وصالح الملا التاجر ابن التاجر، ومالك المؤسسات والشركات والوكالات العريضة والتاجر ابن التاجر ابن الزعيم وابن اخ الزعيم وصاحب الكلمة والحظوة والنفوذ محمد جاسم الصقر والزعيم التاريخي العروبي الاشتراكي اليساري الدكتور احمد الخطيب والليبرالي اليساري والبرلماني المخضرم عبدالله النيباري، ان يجتمع كل هؤلاء على مائدة واحدة مع الغوغاء والاغلبية (المضروبة) وتيارات السلف والاخوان ونواب القبائل للنهش والهبش في جسد هذا الوطن العزيز والمريض والكليم والعليل، فكيف حدث ذلك؟ فسبحان الذي جمع النقيضين في مكان واحد وسبحان الذي جمع الصيف والشتاء على سطح واحد..!!
فكيف يلتقي مرزوق الغانم ابن اخت رئيس مجلس الامة جاسم الخرافي الذي دخل في مشادات ومشاحنات مع احمد السعدون ومسلم البراك ويقف الان ضد توجهات خاله السياسية وضد تعديل الدوائر ويهدد الحكومة بما لا يعجبها ان هي جنحت للتعديل، فهل لان مرزوق الغانم قد وضع قدميه في ماء بارد وضمن الفوز وفقا لقانون الدوائر الحالي، وما حجة صالح الملا وهو الذي لم يحالفه الفوز في الانتخابات الاخيرة ومثل الملا اسيل العوضي ام المسألة وين رايحين وياكم ومع الخيل ياشقرا..؟!!
دعونا نفهم ماذا يجري خلف ظهورنا نحن الاكثرية الوطنية الصامتة من تحالفات واتفاقات مريبة تبرم في الظلام فتقسم فيه الغنائم والمكاسب فيما بينهم ويبقى الشعب هو المغفل والساذج والمخدوع والمنخدع بهؤلاء وهؤلاء ونبقى نتفرج على مشاحناتهم ومشاداتهم على الهواء في القنوات الفضائية وخلف الكواليس يتبادلون الانخاب..!!
والآن نتساءل ماهو وجه الاعتراض اذا عدلت الدوائر بمرسوم الضرورة وجعل التصويت احادياً هل لان ذلك حسب زعمهم يخالف قرار المحكمة الدستورية ام يخالف نصوصا دستورية. ام ان التعديل لا يضمن فوزهم وتربعهم على الكرسي الاخضر؟!!
وقد ثبت بالممارسة الواقعية على الارض ان النظام الانتخابي الحالي فاشل وغير عادل. ولا يعبر عن الاغلبية الشعبية ويحرم اكثر من نصف المجتمع (وهو المرأة) من حق التمثيل في المجلس لقد وقع المنبريون والتحالف في التناقض، كيف يدافعون حسب زعمهم عن حقوق المرأة فيما يهضم قانون الانتخاب حقها..؟!!
نحن نعلم انه لا مذهب للسياسة ولا وجه صادقاً للسياسة، وان السياسي ينقلب حسب مصالحه فان كانت يميناً سارع الى اليمين وان كانت يساراً قفز الى اليسار..!!
ولكن..؟!!
يضل اليساري يسارياَ بمبادئه وقناعاته واليميني يمينيا بمبادئه وقناعاته هذا مانجده في البلدان التي يلعب فيها اليمينيون او اليساريون السياسة بشفافية ودون تلون وخداع، ولكن سياسيينا هنا اذا اقتضت مصالحهم كلهم شيوخ دين او كلهم ازقمبية ولعبية – فلا يمين ولا يسار ولكن المصالح تحكم والا تعالوا اعطوني ليبرالياً صادقاً او يمينياً غير متلون..
خلاصة القول اننا كشعب عدونا كالزوج المخدوع اخر من يعلم، حمانا الله وحمى وطننا العزيز والجميل من النهابين والفاسدين والمتلونين والمخربين والغوغائيين والفوضويين والمخادعين فحسبنا الله هو خير حافظ وخير معين.
حسن علي كرم
المصدر جريدة الوطن
قم بكتابة اول تعليق