المصطلحات الدستورية في الدساتير الوضعية لها حدودها ومعانيها.
ولكن المتابع للساحة السياسية المحلية يستغرب من كثرة التفسيرات والاستخدامات المتناقضة وفقا لهوى المتحدث ورغبته.
فعلى سبيل المثال الكل يعرف ان النظام السياسي الديموقراطي الحديث والذي يبنى على اساس فصل السلطات، ومنه النظام السياسي الكويتي، جاء وفقا لنظريات الغرب التي ابتدعها الفلاسفة السابقون مثل مونتيسكيو وجان جاك رسو وجان لوك، ولكن النواب الاسلاميين يصرون على أسلمة هذا النظام السياسي، وان جاء مشوها، وفي ذلك بحوث كثيرة لا مجال لها الآن.
اما مفهوم الاكثرية والاغلبية، فهو من المفاهيم الديموقراطية الاصيلة التي تعتمد على الحوار وضرورة توافره للجميع واحترام التفاهم السياسي بينهم ولكنه يترجم عندنا الى اقصاء وتهديد وفوضى! فإما ان تستجيب «هذه الاقلية» لـ «تلك الاكثرية» وتستسلم لها والا فـ «الحرب» هي الحل!
ومفهوم «المرسوم بقانون» او ما يسمى بمرسوم الضرورة، والذي هو حق لرئيس الدولة في حالة الفراغ التشريعي الذي يحدث بعد حل المجلس التشريعي او اثناء عطلته السنوية، يستخدم اليوم كشماعة للعصيان المدني والانفلات غير المنضبط، بل والقفز على الديموقراطية كلها كنظام سياسي واللجوء إلى الشارع كحل غير منضبط.
ومع ان «المراسيم بقانون» استخدمت مئات المرات خلال الحياة السياسية على مدار اكثر من نصف قرن، الا ان البعض يريدها «ضرورة على مزاجه» من دون اعتبار لحق رئيس الدولة الدستوري.
فالمهم عنده فرض الرأي من داخل البرلمان او خارجه، وبالطريقة التي يراها، لانه هو الذي يرى مصطلح «الضرورة»، مع ان الدستور اعطاها لغيره، وهو الذي يجب ان يشرع مع انه خارج البرلمان، وان شارعه السياسي هو الذي يقود بالرغم من ان جهابذة المفكرين والفلاسفة اصحاب النظريات السياسية الديموقراطية لهم رأي آخر، وان رؤيته هي الصواب بالرغم من انه «يقتات» على موائد «الديموقراطية الغربية» والتي تجعل من رئيس الجمهورية او المحكمة الدستورية اصحاب «الرأي النهائي» في قرارات مصيرية قد تذهب بالمجتمع كله الى الحرب او السلم!
قليلا من التواضع يا «تلاميذ» مونتيسكيو وجان جاك روسو وجان لوك، وعليكم ان «تتتلمذوا» على ايديهم ما دمتم ارتضيتم بالنظام السياسي الديموقراطي وفصل السلطات الذي جاءوا به وعلموا العالم به.
د. عبدالمحسن يوسف جمال
ajamal2@hotmail.com
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق