سعود سميران، شاب ينتمي إلى الطبقة الوسطى، أنهكته تكاليف الحياة، فلم يعد الراتب يكفيه هو وأسرته، بعدما ترك المعنيون الحبل على الغارب لتجار المواد الغذائية يتلاعبون بالأسعار، وبعضهم ليس مواطنا، لكنه يعمل من خلال واجهات محلية، ولا يهمه من قريب ولا من بعيد ماذا يحل بالبلد، نتيجة لهذا النهب المنظم لجيب المواطن البسيط، والحكومة عاجزة عن المواجهة، رغم أن القانون يسندها.
شباب الديوانية، التي يرتاح فيها بعد عناء يوم طويل يقضيه في منطقة اللياح يرعى خلاله مشروعا لتربية «كم رأس غنم» أطلقوا عليه لقب أمير اللياح.
وهو يقول إنه اضطر لتبني مثل ذلك المشروع، رغم أنه لا يميل إليه كثيرا، بعدما أخفق أكثر من مرة في الحصول على تصريح لصيد الأسماك، وهي هوايته الحقيقية. والسبب كما يتردد، احتكار الشيخ حمد صباح الأحمد لتلك الحرفة منذ زمن طويل، باعتباره شريكا، أو كان كذلك في إحدى شركات الأسماك.
الشاب سميران لا يملك دليلا على أن هناك من يحتكر تلك الحرفة، ويحرم منها بقية المواطنين، لكنه كما يقول لا يفهم سببا لعدم منحه مثل ذلك الترخيص، وخصوصا أن هناك ساحة تتسع للكثيرين، وقد كان الخليج العربي دائما مصدرا لرزق المواطنين تاريخيا، إن على صعيد الغوص للبحث عن اللؤلؤ قبل ظهور النفط، أو على صعيد صيد الأسماك بعد ظهور النفط.
سميران يقول إن الاقتصاد حر، وهو شعار طالما رفعته الحكومة والنواب وغرفة التجارة – المعنية بمثل تلك الأوضاع – لكن ذلك الشعار يتحول إلى حبر على ورق، حين يكون الطرف الآخر مواطنا بسيطا ينتمي إلى الطبقة الوسطى، رغم أن استقرار البلدان يأتي نتيجة لاستقرار هذه الطبقة، إنما عندما يكون ذلك الطرف متنفذا ولديه النفوذ تتحول أحرف ذلك الشعار إلى مقصلة لمن يرفض مشروع ذلك المتنفذ، كما حدث في موضوع صيد الأسماك.
سميران يعتقد بأن الطبقة الوسطى حوصرت في العهد الحالي، وحظي بعض التجار بامتيازات لم يكونوا ليحصلوا عليها في فترات سابقة، عندما كانت الحكومات تنحاز إلى الطبقة التي ينتمي إليها، ويتذكر كيف أن الشيخ عبدالله السالم – طيب الله ثراه – كان همه دائما كيف يوفر لقمة العيش الكريمة لأفراد تلك الطبقة، ويقول إن سموه رفض طلب أحد التجار بمنحه ترخيصا يحتكر من خلاله استيراد المواد الغذائية، وقال له بكل ثقة «استورد أنت والحكومة تستورد».
أمير اللياح لم يعد يثق بالحكومة كثيرا، ويقول إن قراراتها تصب دائما في اتجاه واحد، هدفه توفير الحماية للطبقة التجارية على حساب الطبقة الوسطى، ويضرب مثلا بقضايا اللحوم الفاسدة التي لا يعرف ماذا حصل لها. وهو في هذا الصدد لا يحرض على تلك الطبقة، لكنه يدعو إلى أن يكون هناك توازن في العلاقة في ما بين الحكومة والطبقات المكونة للمجتمع، وألا يكون هناك انحياز لطبقة من دون أخرى، حتى لا تختل العلاقة، ويكون استقرار المجتمع هو الضحية.
المصدر جريدة الكويتية
قم بكتابة اول تعليق