محمد العبدالجادر: إنه الاقتصاد يا ذكي

اقتبس العبارة التي كانت سر نجاح مرشح الحملة الانتخابية الأميركية الرئيس السابق بيل كلينتون عام 1992، أمام الرئيس بوش الأب مع قليل من التصرف، حيث كانت العبارة «إنه الاقتصاد يا غبي» عندما شهدت الولايات المتحدة كساداً اقتصادياً. ولعل نجاح الرئيس الديموقراطي أوباما في الانتخابات الحالية يرتبط سره بالأداء الاقتصادي. الاقتصاد في أوروبا الجنوبية وتحديداً في أسبانيا واليونان يطحن الحكومات طحناً، ويعلي ويرفع من شأن حكومات مثل ألمانيا وتركيا، ويقوي دولة ويجعلها العملاق القادم وهي الصين.

ونحن في الكويت، ومنذ أزمة 2008 حتى هذا اليوم، نعاني التعامل والإهمال اللذين تؤديهما الإدارة الاقتصادية للدولة، من حيث ضيق الفرص المتاحة وتضخم أسعار العقار، والهبوط والركود اللذين جثما على البورصة، وانتظار تصفية شركات تنتظر رصاصات الرحمة، ورغم السيولة الكبيرة في البنوك، فإن المشاريع معطلة ولا تحتاج إلى بيانات أو أرقام فقط. اذهب إلى أي منشأة أو مشروع مستحدث لترى حجم البطء والتعطيل.

الاقتصاد في الكويت ملف مسكوت عنه، بسبب هيمنة القطاع العام، واعتماد القطاعات على الدعم الحكومي والمشاريع، وتحت رحمة أسعار النفط العالمية، ولأن الجميع يعمل في الدولة، والمطالبات فقط تتمحور في زيادات الرواتب والمزايا، ولأن البيئة الحاضنة للاقتصاد هي بيئة ضيقة وبيروقراطية ومعتمدة كلياً على العمالة الأجنبية، فإن الحلول الاقتصادية للاختلالات الهيكلية التي يعانيها اقتصادنا تحتاج إلى مبادرات شجاعة وتحسين أدوات الرقابة والتمويل، وأكثر من ذلك فإن القرار الاقتصادي أصبح رهينة القرار السياسي، وهو ما يصعّب الخلل، حيث إن الاستقرار السياسي مرتبك. لذا، فإن الاقتصاد الكويتي جزء من أزمة المجتمع! وهو قصة لن يعرفها إلا من سمع عن مليارات مدينة الحرير، بينما سكان الضواحي الجديدة مثل جابر الأحمد والمسيلة من دون كهرباء، وهي قصة لن يفهمها من يتحدث عن ضخ المليارات في البورصة والمشاريع ويسوّق الضريبة! وهي قصة لا أفهمها عندما يعود 12 ألف مواطن من القطاع الخاص إلى العمل الحكومي، إنه الاقتصاد… يا ذكي! ونحن على أعتاب الحملة الانتخابية، فمن لهذا الاقتصاد، ومن يحمل همومه بعيداً عن المصالح الضيقة؟

***

• أعزي نفسي وأهل وأصدقاء المرحوم يوسف العبدالله الميلم، الصديق وزميل الدراسة، الرجل الدمث الخلوق، في ريعان الشباب أودعه وذكريات جميلة جمعتنا، وإذا كان العزاء واجباً، فإننا ندعو لك، والدموع في العيون، إلى جنان الخلد، فأنتم السابقون ونحن اللاحقون.

د. محمد عبدالله العبدالجادر
المصدر جريدة القبس

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.