عبدالله خلف: هل يبتسم رجال الدين

كنت مسؤولا عن مراقبة البرامج الادبية والثقافية في الاذاعة وكانت الاحاديث والبرامج الدينية ضمن هذه المراقبة.. ولم تكن في الاذاعة الكويتية اذاعة خاصة بالقرآن الكريم حتى تأسست بعد حين وعاصرت مجموعة من المشايخ عبدالعزيز حمادة، علي الجسار وعبدالله النوري رحمهم الله والقارئ ناصر حسين محمد اطال الله في عمره، كلهم يتمتعون بروح مرحة، ويضمنون احاديثهم قصائد فكاهية وقصصاً طريفة.. وفي السبعينيات كنت اقدم برنامج معارضات «ياليل الصبّ» برنامج يومي فاستدعاني فضيلة الشيخ عبدالله النوري وقال لي لقد عملت معارضة ارجو تضمينها برنامجك وقرأها والا فيها طرافة ونكت مضحكة.. فقلت له: انت ناوي على طردي من الاذاعة.. ثم قال لي: وصلني الى شارع تونس.. وعرفت انه يريد شارع تونس في حولي.
الشيخ عبدالعزيز حمادة كان يرتجل قراءة الاحاديث يوم الجمعة والمناسبات الدينية والاجتماعية وكان مرحاً في سرد الذكريات عن مجتمع الكويت القديم وسائر مجتمعات الجوار وكيف بدؤا في دولهم في ازمنة صعبة فقاوموا وتحملوا الحرّ والبرد.
اما الشيخ علي الجسار فكان مثال المرح يروي القصص والحكايات وعنده موهبة ملكة حفظ الشعر العامي والفصيح والشعر العربي القديم في الادب والفقه وكان يرتجل تقديم الاحاديث في خطب الجمعة في مساجد عديدة في البلاد وفي الاذاعة والتلفزيون، وهو ممتع مع جلسائه ولايعبس في وجه احد.
الان نرى في بعض رجال الدين الجدد التزمت لايضحكون الا مع اصدقائهم فيكمّمون افواهم ويخفون الابتسامة تحت ستار الصراحة والتجهم وتصنع العبوس حتى عندما يظهرون على شاشة التلفزيون.
ومن الاساتذة المحدثين الدكتور خال المذكور رأيته زينة المجالس لايتصنع التزمت بل تلمس المرح وطيب الحديث مع جلسائه يروى قصصا ومواقف طريفة.
ولي مع الاساتذة الضيوف من المشايخ طرائف منها: الشيخ متولي شعراوي روى لي هذه الحكاية، حيث قال دعيت لحفل زواج وعادتنا في مصر ان يختلط الرجال والنساء وتجلس العروس والمعرس.
وعندما هممتُ بالخروج من الباب الرئيسي قابلتني الراقصة الشهيرة سهير زكي، فرفعت يدها مهللة: «ياشيخ ربنا أكرمني برؤيتك نفسي ياشيخ ان أبوس ايديك الكريمة». فقال الشيخ: «يابنتي خليك مكانك.. قد يكون هو راغب في ان تقبل يده، ويلمس يدها الناعمة ويكحل عينيه برؤيتها عن قرب، ولكن تلفت يمينا ويساراً فرى رجال الصحافة والمصورين قد احاطوا به ولو حقق امنية الراقصة لظهرت الصحف في الغد وفيها فضيحته بجلاجل.. فحضرت طرفة للتخلص منها فقال: «يابنتي ربنا قال: {وإذا حييتم بتحية فحيّوا بأحسن منها أو ردوها..} – (النساء 86) واذا انتي يابنتي بستي ايدي انا اعمل أيه».. هنا ضج المحيطون بالضحك فتمكن الشيخ من الخروج، ودخلت هي الحفل بسلام.
ومن المشايخ المرحين الدكتور احمد الغندور الذي درّسنا في جامعة الكويت عند افتتاح الجامعة في 1966 ودرسنا مادة الفقه والشريعة.
وكان حكما دوليا لكرة القدم وعندما كان يدرس من قبل في الخرطوم بالسودان حكم مباراة كبرى بين فريق ام درمان والنيل الازرق فكانت الغلبة للنيل الازرق.. فصاح الجمهور ياشيخ انت حكمت على اي مذهب.. وظهرت الصحف في اليوم التالي تحمل عنوان: فضيلة الشيخ الغندور حكم على مذهب «كذا» ففاز النيل الازرق لانهم يختلفون عن مذهب ام درمان.
عبدالله خلف
المصدر جريدة الوطن

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.