الكويت بلد خير، وأهلها محسودون على ما يقدم لهم من خدمات مجانية نتيجة للدخول الهائلة من بيع النفط.
هذه الدخول الهائلة جعلت من الكويت قوة مالية عالمية، والمال عصب الحياة، بل شكل لنا هذا المال في الكويت خط الدفاع الأول في حرب تحرير الكويت، ولولا احتياطيات الكويت لما تمكنا من العيش عيشة كريمة في الكويت او في البلدان التي لجأنا اليها، هذه الاحتياطيات مولنا بها جزءا من عاصفة الصحراء، وهي الاموال التي جعلت الكثير من الدول تغيّر مواقفها وتساند، بل وتشارك في حرب عاصفة الصحراء، لذا يجب المحافظة على هذا المال.
وقديما قيل ان النقود (المال) يحفظها العقلاء، ويستغلها الاذكياء، ويكتنزها البخلاء، ولكن- والعياذ بالله- يبعثرها السفهاء، ونحن في الكويت، خاصة في السنوات الاخيرة، ومع ازدياد اسعار النفط اصبحت لدينا رغبة عارمة في الصرف والبعثرة افرادا ودولة، واصبح لدينا مطلب بزيادة المعاشات واصدار قوانين خاصة في كل جهة حكومية، حيث صدرت للجامعة والفتوى والتشريع وديوان المحاسبة كوادر خاصة، وكل كادر احسن من الكادر الذي قبله، حتى اصبحنا في سباق لا نهاية له، وأخذت جميع الجهات تطالب بزيادات أسوة بمن حظي بهذه الكوادر، وهم على حق في ذلك، حيث انه قديما قيل «ظلم في الرعية عدل في السوية».
ورددنا على موضوع المنافسة بين المجلس والحكومة، فلا يستطيع احد ان يقف في وجه زيادة دخول المواطنين، ولكن اخذنا نسمع من كل الجهات الرسمية وغير الرسمية تحذيرات من ان ما يحدث خطأ، حيث الكل يريد ان يعمل في هذه القطاعات، واشتغلت الواسطات في تعيينات ديوان المحاسبة والفتوى والتشريع والخبراء.
أتساءل: اذا كان الكل يعتقد او يظن ان استمرار الصرف سيؤدي إلى اضرار بمستقبلنا ومستقبل اولادنا، فلماذا هذا الاصرار على التمادي فيه، ونحن نعلم ان ذلك غير مجز لا اقتصاديا ولا اجتماعيا؟ فنحن مثل الاعمى الذي يسير في طريق به حفرة والناس يمسكون به ويحذرونه بألا يقع فيها، ولكنه يحاول الافلات منهم ويسير باتجاه الحفرة ضاربا بالتحذيرات عرض الحائط، اذا نحتاج الى تغيير الاتجاه والتركيز على حصافة الصرف وعقلانية الكوادر حتى لا نقع في الحفرة.
اللهم اجعلنا من الاذكياء والعقلاء الذين يحفظون البيزات ويستغلونها، ولا تجعلنا من المبعثرين السفهاء.
حفظ الله الكويت وشعبها وصباحها.
أنور عبدالله النوري
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق