نبيل الفضل: تمساح

نجح الاخوان المسلمون أخيراً في الانقلاب على أنظمة الحكم في عدة دول عربية، وتأخر نجاح بعض انقلاباتهم لبعض الوقت كما في سورية.
العامل المشترك بين كل تلك الانقلابات ان الاخوان كانوا يهندسون المشهد السياسي ويحركون الشارع ورؤوسهم تحت الماء كالتماسيح، حتى اذا ما حانت اللحظة وانهارت الانظمة قفزوا ليلتهموا البلد ويقصوا من قام بالثورة ظاناً انه ثائر وطني ينشد خير الشعب!.
في الشقيقة الامارات تم اكتشاف تخطيطهم وتم نتف ريشهم وتخزيم مناقيرهم قبل ان يفردوا اجنحتهم السوداء على المجتمع.
ولكن الاخوان المسلمين في الكويت وبسبب الهامش الكبير الذي توفره الديموقراطية من حماية للرأي والمعتقد، والهامش الاكبر الذي يوفره نظام الحكم، فقد فقس بيض الغربان على كثير من اشجار الكويت.
وترعرعت افراخهم وكبرت ارصدتهم واستطاعوا ان يحكموا مرحلة التمكين، التي هي في النهج الاخواني اول مراحل التهام الحكم في أي بلد. فقد انتشروا في المجالات المهمة بالنسبة لهم من قطاع نفطي الى تعليمي الى مصرفي وشركات استثمارية. واستغلوا كرم وتدين الكويتيين لينشئوا مئات الجمعيات الخيرية القانونية والمخالفة التي لا يعرف أحد كم تجمع وكم تصرف وعلى ماذا صرفت!!. وكان لنشاطهم السياسي دور في بذر مجنديهم في مجلس الامة وفي الحكومة.
وتحول اخوان الكويت الى بنك مركزي للاخوان المسلمين في جميع الدول الاسلامية الفقيرة، ولم ينافسهم على هذه المكانة سوى دخول قطر على الخط بحثاً عن السيطرة على الدول عبر تنظيمات الاخوان فيها.
اخوان الكويت على عكس بقية الاخوان لم يشعروا بالاضطهاد ولا بتجافي الناس ومقاطعتهم لهم، ولم يضيِّق على حريتهم ولا أنشطتهم نظام ولا شعب، فاصابهم ما أصابهم من ثقة بالنفس هي أقرب الى الغرور وادنى للغطرسة.
لذلك فاخوان الكويت هم التمساح الغبي الذي أظهر رأسه وجأر بصوته قبل ان يُسقط الحكم الذي يسعى لالتهامه!.
اخوان الكويت بكل صفاقة وحماقة كشفوا عن رؤوسهم المتقرحة وأطلقوا ألسنتهم القذرة بنواياهم الشيطانية.
اخوان الكويت أزاحوا الواجهة السياسية والشبابية التي كانوا يتسترون وراءها، وأقصوا حتى الحناجر التي كانت تصدح لهم دون ان تعرف او تدري بما هو مخبأ لها، وتصدر الاخوان الواجهة وتنادوا للمواجهة بعدما ألقوا بقضهم وقضيضهم في الساحة بما في ذلك حتى خلاياهم النائمة وكوادرهم المتسترة، بل ولقد استمالوا حتى الجهلة من اعدائهم التقليديين من زعامات في السلف!.
اليوم الاخوان قد كشروا عن انيابهم واطمأنوا للنتائج باحتسابهم صمت النظام وانسحاب الحكومة من الميدان. وما زادهم طمأنينة نجاح اخوانهم في دول اخرى.
وما فعله الاخوان من تهور في حرق المراحل والقفز من مرحلة «التمكين» الى مرحلة «الانقضاض» على الحكم قبل ان تكتمل مرحلة «التقويض» للحكم ادى لنفور الناس الفطري من هذا الوجه البشع الذي كانت تخفيه لحى ظنها الناس غانمة.
ورداءة اللغة بغرور البذاءة أيقظ حتى الحكم الذي لم يكن يصدق بأن بعض ابناء الكويت يمكن لهم ان يرفسوا النعمة ويكفروا بالنعيم الذي حباه الله لوطنهم.
تسرع الاخوان ربما جاء نعمة ورحمة إلهية للنظام والشعب الكويتي كي ينتبه لهذا التمساح الشره قبل ان يقفز ليحكم فكيه حول رقبة الدولة ويلف لفة الموت.
اليوم تمر الكويت بمرحلة مصيرية حقيقية لا علاقة لها بالمفردات الانشائية العربية المكررة عن المراحل المصيرية، بل هي امام مرحلة ان تبقى أو.. لا تبقى.
فإن تواصلت سياسة الصد عن مواجهة الحقيقة وواصل الشعب اقتتاله على خلافات تيارات سياسية ونشاطات تجارية ومناصب ورياضة، فإن فرص الاخوان بالفوز العظيم اكبر مما يتوقع الآخرون.
ولكن ان صدقت توقعاتنا بصحوة الحكم وارتفاع مستوى الاستشعار عند الفئات المختلفة من الشعب، فإن مصير الاخوان في الكويت سيشهد نهاية مختلفة تماماً عن مصير اخوانهم في دول أخرى.
الجزء الذي تناساه اساطين الاخوان ان الكويت هي بوابة الخليج وان شاخت، وان مصير الحكم هنا ليس خياراً خاصاً باسرة الحكم فقط، بل هو جزء من نظام خليجي موحد يجمع اسر حكم مستقرة. وهي انظمة لن تسكت او تقف متفرجة على تسلق الاخوان او غيرهم لأسوار القصور.
فالاخوان اما من الغباء بحيث يغفلون هذه الحقيقة او انهم يستدعون التدخل الخليجي في الشأن الكويتي. وهو تدخل في هذه الظروف كامل الشرعية سينهي وجودهم مرة واحدة… وللابد.

اعزاءنا

الاخوان تستروا بابناء القبائل ومازالوا. ومن تم اغواؤهم او استدراجهم في مجرى سيل الاخوان لايشكلون الا نسبة ضئيلة من ابناء القبائل.
مشكلة الاخوان انهم يتصورون ان القبائل وابناءها من السذاجة بحيث يصدقونهم على طول الطريق وكل الوقت!. وهذا مقتل آخر للاخوان.
ولعل نهاية الاخوان عندنا تكون المدخل لدحر هذه الفئة الباغية وانقاذ المسلمين والعرب من احلامها المريضة. والكويت التي انهت أسطورة صدام ستنهي مغامرة الاخوان وسطوتهم.
كما ان مصر التي لم تنتج مشروعاً سياسياً ناجحاً في تاريخها، لن تقدم مشروع الاخوان كنظام سياسي ناجح. فالسقوط مآلهم وان كثر التطبيل والرقص بالصاجات.

نبيل الفضل
الصدر جريدة الوطن

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.