في ضيافة الكويت اليوم القمة الآسيوية الأولى التي تأتي بعد سلسلة من المنتديات والاجتماعات جمعت دولاً آسيوية بدول خليجية في عواصم متفرقة في أرجاء القارة الآسيوية. أذكر عندما بدأت الفكرة في منتدى تايلاند عام 2002 وبمشاركة شخصيات رسمية ورجال أعمال وأصحاب المؤسسات الاقتصادية والسياحية، بعدها ومع استمرار الاجتماعات واتخاذها الطابع التجاري والسياحي، تلقينا دعوة عبر منتدى القيادات الشابة للأعمال والمشاريع التجارية، وكنت شابة آنذاك وعضو مجلس إدارة، لحضور تلك المنتديات تحت مظلة غرف التجارة في آسيا.
وجاء عام 2003، وغلب طابع السياسة على كل قضايا الخليج العربي، واستلمت الكويت الرئاسة الدورية لدول التعاون، واختار سمو الأمير عندما كان رئيساً للوزراء الاتجاه إلى الشرق في رحلة عام 2004، وكان للإعلام الاقتصادي طابع خاص، إذ نشرت الصحف صوراً لسمو الأمير والوفد المرافق له من رجال الأعمال في أشهر المصانع والمؤسسات التجارية الكبرى في مدن آسيا، وهو جزء مهم من الدبلوماسية الاقتصادية وتغليب العامل الاقتصادي على العلاقات الدولية، وإشراك أهل الاقتصاد في رسم العلاقات الخارجية. وتمت دعوة وزراء التجارة والمالية من دول التعاون لحضور جلسات المنتدى.
ثم انتقل بعد ذلك إلى دول الجنوب والشرق والغرب الآسيوي في ظل استمرار بحث الكويت أو بالأحرى اهتمامها في بناء نموذج جيواقتصادي متميز في المنطقة.
وطبقا لدراسة أجريتها شخصياً تحت عنوان “الدبلوماسية الاقتصادية والعلاقات الكويتية اليابانية”، ونشرتها جامعة الكويت قبل عامين، توصلت إلى أن “دبلوماسية التنمية” عامل رئيسي في بناء العلاقات الخليجية الآسيوية، وحاولت وبشكل متواضع أن أقترح إقامة رابطة اقتصادية خليجية مع دول آسيا قد تصبح يوماً من الأيام نموذجاً جيوستراتيجياً فريداً من نوعه، لا يقتصر على آسيا ققط، إنما يجذب إليه الدول العربية من قارة إفريقيا، والمنظمات الإقليمية الأخرى أيضاً.
وكما نقول دوماً إن الدبلوماسية العامة فن إدارة المعلومة والمعرفة، تأتي الدبلوماسية الاقتصادية ودبلوماسية التنمية بمفاهيم جديدة خاصة بإظهار واستخدام الذراع الاقتصادية والتنموية للسياسة الخارجية الكويتية، وبالتالي استخدام المنظمات الإقليمية لتعزيز الجاذبية الاستثمارية وسبل إدارتها بنجاح، والاستفادة من الفرص المتاحة في قارة آسيا.
وأخيراً… كما بدأت رحلة الاتجاه إلى الشرق في إطار السعي لتنويع البدائل وحماية المصالح والاستفادة من الصعود الاقتصادي لدول آسيا، وأضافت الطابع الاقتصادي للعلاقات الكويتية الخارجية بالإضافة إلى الطابع السياسي القائم، نشهد اليوم حدثاً مهماً جداً، وهو تصميم أول منظومة إقليمية خليجية آسيوية بعد انتهاء الحرب الباردة، وأمام واقع إقليمي جديد، يتطلب إعادة ترتيب الأولويات ورسم السياسات حول الأبعاد الجديدة مستفيدة من الدبلوماسية التنموية التي تتصدر لغة الحوار بأبعادها الاقتصادية والتجارية؛ كالأمن الغذائي، والطاقة، والتنمية البشرية، والصحة… وللحديث بقية بعد الإعلان عن النظام الأساسي والبيان الختامي للمنظومة!
كلمة أخيرة:
بادرت جامعة الكويت باستضافة منتدى أكاديمي آسيوي أسبوعياً قبل المؤتمر، فاستمعنا إلى حديث آسيوي جديد يتحدث بحذر حول سيناريوهات تحويل منتدى بسيط إلى منظومة على الطراز العربي. ولكن غابت بعض المواضيع الحيوية كموضوع العمالة الآسيوية في الخليج ما لها وما عليها، والمؤسسات الخيرية الخليجية التي باعتقادي نحن في أمس الحاجة إلى معرفة آراء الدول المتلقية للمساعدات التي ترسلها اللجان الخيرية وتقييمها.
واقتراحي للمؤتمر الأكاديمي القادم أن يضم متخصصين كويتيين وآسيويين معاً في العلوم التكنولوجية والطبية (المؤسسات العلاجية والصحية) وإدارة الكوارث البيئية، بالإضافة إلى القطاع المهم والمنسي دائماً، وهو القطاع الخاص.
المصدر جريدة الجريدة
قم بكتابة اول تعليق