لعل البعض يرى أن رفع سقف الحوار هو من الضرورات لمزيد من المشاركة الشعبية وتفعيل لمواد الدستور، ولعل البعض الآخر يراه مقدمة لانفلات أمني وضعفاً لهيبة الدولة وغياباً للقانون، وفي كلا الحالتين هناك من يتكسب ويستغل الأوضاع ليلعب على جراح الوطن، فيصور الأمور على أنها انقلاب على الحكم.
قال تعالى «قَدْ جَاءَكُم بَصَائِرُ مِن رَّبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَاْ عَلَيْكُم بِحَفِيظٍ». صدق الله العلي العظيم- سورة الأنعام الآية (104).
لا نريد أن نندفع نحو تهويل الأمور فنضوج الديمقراطية لا يمكن أن يحدث إلا بمروره بمجموعة من التجارب بعضها مرٌ، لكنه ضرورة لإصلاح الخلل سواء من جانب النهج والأسلوب أو من جانب الحاجة إلى تفعيل القانون لإيجاد تشريعات تحاكي المرحلة التي نمر بها، وفي كلا الحالتين المنتصر من هذا المخاض هو المواطن.
البعض يقارن اليوم بالأمس ويتغنى بالماضي، وهي في الحقيقة مقارنة ظالمة، فما صلح لذلك الزمان لا يمكن أن يصلح ويلبي احتياجات اليوم، ففي الأمس كانت الحياة بسيطة في متطلباتها والوعي السياسي والثقافي العام أقل من اليوم، فعموم الناس كانوا يعيشون ليومهم، والأمية نسبتها عالية.
وما زال الوضع كذلك إلى بداية عهد الدستور، فكانت النخب السياسية هي من يتصدى ويقود الحراك الديمقراطي لتعزيز المكتسبات الوطنية.
الحالة اليوم تختلف كثيراً عن الأمس، فجيل اليوم يتمتع بمستوى تعليمي عالٍ وفهم أكثر لحقوقه، ساعده في ذلك انفتاحه على العالم الخارجي وقدرته على استخدام تكنولوجيا المعلوماتية، وكذلك انتشار الوسائل المرئية والمكتوبة التي تتعامل مع الخبر بطريقة مختلفة، لذا تجاوبه مع الحراك السياسي أمر حتمي وطبيعي.
البعض يتهم بعضاً من أبناء الجيل الحالي بعدم إدراكهم مغبة أفعالهم، وهذا القول لا يمكن قبوله من الناحية العلمية، فهم تمرسوا بشكل لافت من خلال تعاطيهم مع مجمل الأحداث، لكن يؤخذ عليهم اندفاعهم نتيجة سرعة الأحداث السياسية التى تعيشها الكويت والمنطقة.
لعل البعض يرى أن رفع سقف الحوار هو من الضرورات لمزيد من المشاركة الشعبية وتفعيل لمواد الدستور، ولعل البعض الآخر يراه مقدمة لانفلات أمني وضعفاً لهيبة الدولة وغياباً للقانون، وفي كلا الحالتين هناك من يتكسب ويستغل الأوضاع ليلعب على جراح الوطن، فيصور الأمور على أنها انقلاب على الحكم.
تضخيم الأحداث بهذا الشكل وغياب العقل لا يخدمان الاستقرار الاجتماعي، فلا بد لدولة القانون أن تحصن المكتسبات الديمقراطية وتكرس مفهوم العدالة بين جموع المواطنين. فالحراك الشعبي ما هو إلا حراك محمود في المسيرة الديمقراطية بشرط أن يصب في فلك القانون، ويعزز مبادئ الدستور التي أساسها العدل والمساواة في الحقوق والواجبات.
الأحداث الأخيرة بينت الحاجة إلى دولة المؤسسات ودولة القانون، فهما الطريق الوحيد أمام الحكومة والنواب والشعب للخروج من المأزق الذي نعيشه.
ودمتم سالمين.
المصدر جريدة الجريدة
قم بكتابة اول تعليق