سليمان الخضاري: اشتبي

سؤال ووجهت به كثيرا في الأيام الماضية من قبل بعض الأصدقاء والمحاورين في وسائل التواصل الاجتماعي، ويتمحور حول ماهية مطالبي ورؤيتي المتواضعة للأحداث الجارية في البلاد، على ضوء ما يرونه من «تناقض» في آرائي تجاه هذا الطرف السياسي أو ذاك، ولا أخفيكم، فقد تردد السؤال بكثرة، حتى بدأت أطرحه شخصيا… على نفسي!
في الحقيقة، فإن مجرد طرح السؤال وبهذه الكثافة، يكشف عن عمق الأزمة في الكويت، فالأوضاع التي تمتاز بالاستقطاب العنيف والثنائيات المصطنعة من مثل «أنت معي ولا ضدي»، هــــي أوضاع لا توفر الأرضية اللازمة للتفكير العقلاني والهادئ، وتطمس طيفا عريضا من ألوان الفعل والتفكير السياسيين لمصلحة اللونين الأبيض والأسود فقط لاغير، وهو آخر ما نحتاجه ونحن بصدد البحث عن حلول جذرية لمشاكل ضخمة تعصف ببلد ما، وتفرض نفسها على أبنائه.
وعلى ضوء مما سبق ولأجيب عن تساؤل الأحبة، فإنني أقر أمامكم أنني لا أملك الحقيقة كلها، ولا أدعي فهمي لكل تفاصيل واقعنا السياسي والاجتماعي، ولكنني أرى الأمر نفسه منطبقا على الجميع، إلا أن المكابرة والاندفاع جعلت البعض في بلادي يتحرك سياسيا وكأنه يملك الحقيقة كلها، وبالتالي فإنك إن خالفته إما أن تكون منبطحا خائنا للشعب تبعا لمعسكر سياسي، أو انقلابيا تهدف لزعزعة النظام وفقا للمعسكر الآخر!
علينا الاقرار بداية أن المعسكرين يحتويان نماذج ايجابية وأخرى سيئة، فيهما المنافق والفاسد والمتزلف، كما فيهما المخلص والمجتهد والمثابر، وفي كلا المعسكرين أرى بعضا من نفسي، وبينهما أتمزق كل يوم وكل ساعة!
أريد تطويرا لنظامنا السياسي، وصولا به في مرحلة لاحقة وبعد تأسيس الأرضية السليمة للحكومة المنتخبة، وأوافق على استخدام وسائل التعبير السلمي عن الرأي من ندوات جماهيرية ومسيرات منضبطة ونقد مسؤول يحتكم للمبادئ الدستورية وقواعد حقوق الانسان العالمية.
وفي المقابل، أريد معارضة «وطنية» حقيقية، لم تمارس خرق القانون والقيم من خلال العمل من أجل القبيلة والطائفة والفئة، معارضة تعمل بمرجعية وطنية ولا تعمل جهارا نهارا على تفكيك النسيج الاجتماعي الكويتي، معارضة لم تلوث يوما بالمال السياسي وغيره أو بالدفاع عن سراقه، معارضة جديرة حقا وصدقا بقيادة المجتمع مدعومة بسجل سياسي واجتماعي نظيف، يجعلها تمتلك المصداقية التي تؤهلها لوضع اصبعها في عين خصومها وهي تطالب بحقوق أكثر من أجل الوطن وأبنائه.
هذا كل ما أريده.. وأدرك للأسف أن ما أطلبه، رغم منطقيته، إلا أنه في واقعنا الكويتي أمسى ضربا من الرومانسية السياسية..و الخيال!

Twitter: @alkhadhari
المصدر جريدة الراي

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.