“يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ”(النساء 59).
أميل نحو عدم الوثوق بمن يداوم على إطلاق الشعارات الرنانة, وبخاصة تلك التي تتردد في سياق خطابات انتخابية متكررة. واعتراضي على استعمال البعض للشعارات الرنانة وسعيهم إلى دغدغة مشاعر بعض الناس هو بسبب إيماني الشخصي بعدم واقعية تلك الشعارات ومنافاتها للواقع المحلي. ولعل ما يحدث في بيئتنا المحلية الكويتية, لاسيما هذه الأيام, هو بروز ظاهرة محاولة الوصاية على إرادة الأمة واستغلال البعض لهذا المصطلح الديمقراطي المستورد بهدف تحقيق مصالح انتخابية وشخصانية موقتة. فعندما يردد أحد أقطاب التيارات السياسية المحلية مصطلح إرادة الأمة في تغريداته وخطاباته ويحاول قدر استطاعته إبراز نفسه كالوصي على إرادة الأمة دون الآخرين فهو ربما يأتي أمراً لا يقبله العقلاء ولم يعد ينطلي على عامة الناس.
بل أعتقد أيضاً أن من يستمر يردد شعار “إرادة الأمة” ويستعملها في سياقات تتناسب فقط مع أهدافه الانتخابية ويصور نفسه كالشخص الوحيد المسؤول عنها وعن حمايتها من أعدائها المتخيلين: هو بشكل أو بآخر يستغل إرادة الأمة لتحقيق بطولات زائفة. بمعنى آخر, من لا يوجد على طرف لسانه سوى تكرار كلمات نارية وشعارات خاوية حفظها أغلب من تابعوا مسيرته الانتخابية المتناقضة لم يعد بإمكانه بعد الآن خداع الآخرين. فالوعي السياسي المحلي وصل, مرحلة متقدمة من النضج الديمقراطي بحيث لن ينطلي على الناس ترديد أحدهم لشعارات عفى عليها الزمن يبدو يهدف من ورائها البعض البقاء أطول فترة ممكنة في دائرة الضوء.
بل وأعتقد أنه من يرغب فعلاً في الالتفاف أو الوصاية على أرادة الأمة وربما الانقضاض على مقدرات الأمة هو من لا تفارق لسانه “إرادة الأمة” ! فإذا كان كل إناء بما فيه ينضح, فمن يرغب فعلاً في قرار نفسه السيطرة والسطوة وإستغلال “إرادة الامة” بهدف تحقيق مصالحه الشخصية والانتخابية الموقتة على حساب الفرد والمجتمع هو الذي لا يفتأ يرددها بشكل مبالغ فيه ينافي الواقع المحلي وربما يكشف عن طريق ذلك عن ما يُعْمِلُ في صدره من محاولات شخصانية للوصاية التامة على إرادة الأمة, بهدف تحقيق بطولات زائفة وموقتة على حساب السلم المجتمعي وعلى حساب حاضر ومستقبل البلد. والله المستعان.
كاتب كويتي
khaledaljenfawi@yahoo.com
المصدر جريدة السياسة
قم بكتابة اول تعليق