الاعلام الطازة لجماعة المقاطعة بعد ما اقتنع انه قضى على نبيل الفضل، تحول الى التهجم والتعريض بالنائبة اسيل العوضي. وهي فرصة للنيل من التيار الوطني الديموقراطي بأكمله، خصوصا بعد ان تكشّف وجه جماعة المقاطعة القبيح بتعرضهم للتجار وللنائب محمد الصقر كسليل وممثل لهؤلاء التجار. والسؤال: الى متى سيبقى المنبر الديموقراطي والتحالف الوطني الديموقراطي «يَقطْرون غباء» وسذاجة في تعاملهم او بالاحرى تعاونهم مع التحالف الديني ــ القبلي؟!
الاعلام الطازة لجماعة المعارضة ابتسر تحليلا عابرا لطبيعة الصراع السياسي الحالي للنائبة العوضي، وخلق منه موقفا ــ «عنصريا» حسب تعابيرهم ــ متكاملا ضد ابناء القبائل من قبل النائبة اسيل العوضي، وطبعا من قبل التيار الوطني بأكمله بسبب كونها احد ممثليه. علما بأن ما طرحته النائبة اسيل العوضي كان حقائق تاريخية، اتصف بها كل عرب الجزيرة وكل الكويتيين بوصفهم كذلك، اي من الجزيرة.. خطأ النائبة العوضي انها طرحت ذلك على تويتر. وتويتر بطبيعته ونظامه ليس مكانا ملائما لمثل هذا الطرح. فهو لتعليقات خاطفة او نكات عابرة، ولكن ليس بالتأكيد لتحليلات اجتماعية وسياسية تتعرض لطبيعة وسيكولوجية الصراع السياسي الاجتماعي الدائر حاليا على الساحة.
النائبة اسيل العوضي تكلمت عن تدخل السلطة في الانتخابات وكتبت تغريدة «عندما تُعامَل فئة من فئات المجتمع على أنها ارقام انتخابية مضمونة بالجيب طالما الشرهات لم تنقطع. ماذا تتوقع من احفاد هؤلاء بعد تعليمهم؟».
ثم الجزء الثاني
« ان كان للكرامة معنى ووزن فهي تتجلى في التغييرات الاجتماعية والسياسية لدى بعض فئات المجتمع. ولا بد للسلطة من ان تفهمها وتتقبلها».
هذا كلام يبدو مبهما بحكم الاختصار الشديد في تويتر، وطبعا على تويتر يزداد هذا الغموض المفترض، لأن التغريدة نزلت مجزأة، ويمكن كان هناك فترة زمنية طويلة بين المقدمة والنهاية، اي بين الاولى والثانية. بحيث ان البعض قرأ «لا تقربوا الصلاة» ولم يتسن له قراءة «وانتم سكارى»، وكما قلنا هذه طبيعة تويتر، وربما كان معذورا من تسرع في صب جام غضبه وعنصريته هو على النائبة العوضي. فعلى سبيل المثال احدى انشط اعلاميي المقاطعة السيدة رانية السعد تحسّرت على تعدي «حفيدة تقي» على شرفاء القبائل!
الان نعود الى المعنى الحقيقي للتغريدتين، وهما بالمناسبة اقتباس من عدة مقالات كتبتها انا في مناسبات عديدة، منذ السبعينات، ملخصها ان من استخدمتهم السلطة في السابق وجنستهم كاحتياط موالٍ لها، لم يعودوا هم انفسهم، بل ابناؤهم واحفادهم الذين يشعرون اليوم ـــ وهم في الواقع كذلك ـــ بانهم كويتيون مثلهم مثل من سبقهم الى هذه الارض بيوم او يومين، وان لهم حقوقا يجب ان تؤدى، ومطالب لا بد ان تلبى، وهو ما ما زال غائبا عن عين السلطة، بل حتى عن بعض الكويتيين، وان شئنا الدقة غائبا حتى عن البعض منهم. النائبة العوضي اضافت في التغريدة الثانية ما يؤكد هذا، وما ينفي اي صفة للعداء او التصغير لهذا الطرف الذي استغلته السلطة في السابق، وهم بالطبع ابناء القبائل، إذ انها ربطت «الكرامة» بهم، فهي، اي الكرامة، حسب تعبير العوضي.. «تتجلى في التغييرات الاجتماعية والسياسية لدى بعض فئات المجتمع ولا بد للسلطة ان تفهمها وتتقبلها».. فاين العداء واين التمييز واين التحقير المزعوم؟ ربطت الكرامة بالتغييرات التي يعيشون، فاين الازدراء والتحقير؟ وطالبت السلطة بان تتفهم تحركهم وتلبي مطالبهم.. فاين العداء والاقصاء؟! واي مديح افضل للحراك السياسي والاجتماعي الحالي من هذا المديح.. وأي تأييد اوضح من هذا التأييد؟!
لكن انه الاعلام الطازج ومحاولة ضرب وتصفية التيار الوطني الذي هو اصلا «ينازع»، مستسلم.. وبفعل قيادة المنبر والتحالف اصبح في الواقع منذ التحرير تابعا للتحالف الديني القبلي ومستظلا بظل هذا التحالف.
* * *
مع كثرة من ازعجنا بـ«الا الدستور»، كثرت ايضا انتهاكات المادة 54 منه التي تصون الذات الاميرية. الدستور بالنسبة لهذه النوعية مجلس امة وانتخابات وبس.
عبداللطيف الدعيج
المصدر جريدة القبس
قم بكتابة اول تعليق