في البداية لابد من تسجيل أنني من الذين يعتقدون بعدم وجود ضرورة تستدعي صدور مرسوم ضرورة لتعديل نظام الانتخاب، وأن هذا الموضوع يجب أن يترك لمجلس الأمة صاحب الحق الأصيل في ذلك، ولكن الآن وبعد أن حسم سمو الأمير موضوع صدور مرسوم ضرورة بتعديل نظام التصويت أصبح التعديل أمراً واقعاً يجب التعامل معه.
السؤال الكبير هو كيفية التعامل معه، هناك طريقان للتعامل مع الوضع المستجد. الطريق الأول، هو التعبير عن عدم الرضا بالمرسوم بشتى طرق التعبير المشروعة من تجمع جماهيري أو إقامة ندوات أو بمقاطعة الانتخابات، فكل ذلك حق لمن يريد ذلك، لأن ذلك يندرج تحت مظلة وسائل حرية التعبير السلمية، أما الطريق الثاني للاعتراض على صدور المرسوم، فهو السعي نحو الصدام مع القوى الأمنية من أجل تهييج المشاعر وإثارة العصبيات، وهو أمر في غاية الخطورة، وعواقبه في غاية السوء، لأننا بدلا من أن نكون في دوامة موضوع التعديل، سنصبح في دوامة أكثر تعقيداً، مفتوحة على كل الاحتمالات، وكما يقول المثل «يا أم حسين كنا بواحد صرنا باثنين».
نقول هذا الكلام بمناسبة الحديث عن مسيرة «كرامة وطن» المزمع إقامتها اليوم، وإذا كنا نعتقد بسلامة نوايا قسم ممن سيشارك بها للتعبير عن اعتراضهم على عزم الحكومة إصدار مرسوم ضرورة لتعديل نظام التصويت، فإن المتوقع أن يعمد قسم ليس بالقليل من المشاركين إلى تعمد الاصطدام برجال الأمن، وهو ما شهدنا نموذجا مصغرا منه يوم الاثنين الفائت، ولا أستبعد أن تطلق خلال المسيرة شعارات تطالب بتنحي الأمير أو تنال من شخصه، وهو الأمر الذي يتم التحريض عليه بشكل واضح من قبل أحد الأشخاص الذي يلعب دوراً تخريبياً مشبوهاً هذه الأيام بالذات، وكأنه أصبح مثل غراب البين، الذي يفرح بخراب ديار أهله، هذا الأمر إذا ما حصل- لا سمح الله- سيؤلب شريحة واسعة من الأغلبية الصامتة ضد كتلة الأغلبية ومناصريها، وسيزيد من مشاعر الانقسام والشحن داخل شرائح ومكونات الشعب، و«عندها تكون على نفسها جنت براقش».
المطلوب في هذا الوقت التروي والتحلي بالحكمة والتعقل وتدبر عواقب الأمور، فالاعتراض على المرسوم لا يجب ألا يقودنا لهدم المعبد على من فيه، وإلا فإن الكل خاسر.
المصدر جريدة الكويتية
قم بكتابة اول تعليق