نعم, أقولها ناصحا ومخلصا, أطلقوا سراح الشباب المحتجزين وأخلوا سبيلهم, فهؤلاء وأيا كانت تهمتهم, ومهما بدر منهم خلال مسيرة يوم الأحد الماضي, فهم ليسوا مجرمين على الإطلاق, ولكنهم ضحايا التحريض والشحن المستمر, بل إن من بينهم من كان يمهد قبل يوم من بدء المسير ويجهز نفسه للاعتقال, ثم ما إن تحقق حلمه, راح يوثق ويصور – بعفوية بالغة وبراءة ملفتة – لحظات القاء القبض عليه, مع حرص شديد على التصوير بمعية محتجزين من ذوي الوجوه المعروفة, حتى يذيع صيته ويشتهر. من يفعل هذا لا خوف منه بتاتا, وأشهد إن بين أضلعه قلبا يشع وطنية وحبا لهذا البلد, ولكن غشاوة التضليل والشحن والتحريض, جعلت الصورة “مغبشة” وغير واضحة… أطلقوا سراحهم و”كفايانا” أبطال!
***
بعد الأحداث الصاخبة التي جرت ليل أول من أمس, لم يعد هناك مبرر لسكوت الحكومة وتماديها في الصبر على تمرد “الإخوان” وهم الذين رعتهم ومكنتهم طيلة سنين خلت للسيطرة على مقدرات البلاد. على الحكومة, أن لا تحط رأسها برأس شباب متحمس, وتترك أفعى “الإخوان” تنفث سمومها في طول البلاد وعرضها… هذه الأيام, يترقب الناس قيام السلطة بثورة تصحيحية مضادة تعيد الأمور إلى نصابها, وأولى الخطوات تتمثل بإبعاد المستشارين “الإخونجية” من الدواوين العليا, فهؤلاء طابور خامس في عقر دار السلطة وفي عمق دائرة صنع القرار, وهم لم ينفعوا السلطة في شيء ولم يحموها من خطر كوادرهم الناشطة… الناس لن تثق بجدية حزم السلطة إلا بإبعاد هؤلاء أولا, ومن ثم الالتفات إلى بقية مراكز نفوذهم في الدولة!
***
مشكلة البسطاء في بلادي, أنهم يخلطون بين “حدس” و”الإخوان المسلمين” وهذا خطأ فادح وظلم بين. ف¯”الحدسيون” أقسموا بأغلظ الأيمان بأن لا رابط يجمعهم ب¯ “الإخوان”, فحرام عليكم وألف حرام أن تظلموهم بهذا الافتراء المبين… “يا جماعة, دُول حاجة, ودُول حاجة تانية خالص… واخد بالك يا عم إسماعين, انته معايا يا حاج محمد؟”
***
سؤال مطروح بقوة, وهو إلى متى سيستمر المقاطعون في مقاطعتهم للانتخابات? هل سيكتفون بمقاطعة الانتخابات المقبلة فقط? أم سيستمرون في المقاطعة إلى أبد الآبدين? هذه الجزئية لم يتطرقوا لها بتاتا ولو من باب التنوير… على “طاري” المقاطعة, يقال بأن “الإخونجية” سيخوضون الانتخابات المقبلة بمنتخب رديف, وبوجوه جديدة يتم استعمالها – مثل “الكلينكس” – مرة واحدة فقط, وذلك كي يسهل عليهم التبرؤ منهم, ومهاجمتهم حتى, متى انكشف الملعوب, وبالمرة, لضمان موضع قدم لهم في المجلس المقبل!
***
سباق محموم يجري خلف الكواليس لتعيين كوادر “إخونجية” كوكلاء مساعدين في وزارة الصحة, ويتساءل المراقبون: إن كان الوزير الحالي سيغادر منصبه مع التشكيل الوزاري الجديد, ورغم كل أفعال ومصائب “الإخوان”, فما الداعي للتسرع باتخاذ هذا القرار وتوريط الوزير القادم وتكبيله بمثل هذه التعيينات?… ومنا إلى سمو الرئيس مع التحية!
salehpen@hotmail.com
المصدر جريدة السياسة
قم بكتابة اول تعليق