ندى المطوع: حديث التاسع عشر من أكتوبر هذا العام

في موقف لم تسبقه مواقف تأتي كلمات سمو الأمير مرة أخرى محملة بالحزن والضيق من تشتيت الوحدة الوطنية، وتبعثر الممارسات الديمقراطية، ولم تكن هذه المرة الأولى التي يشعر بها شعور الأب المسؤول تجاه أبنائه، فقد تحدث قبل ذلك وفي ظروف عانى خلالها البلد اختناقات وأزمات متتالية عصفت بالبرلمان تارة وبالحراك خارج البرلمان تارة أخرى، ورغم ذلك فقد تضمن حديث سموه آنذاك نظرة إيجابية وفرصة جديدة دعا من خلالها أعضاء البرلمان لاعتماد نهج جديد يواجه التراكمات الثقيلة.
أما اليوم، وبعد أن تصاعدت الفوضى، وحملت كتل برلمانية قضاياها خارج أسوار البرلمان تأتي كلمات سموه في التاسع عشر من أكتوبر محملة بالحزن فيقول: “هذه حالنا اليوم نمسي على أزمة ونصبح على أزمة أخرى”. ويقول سموه أيضاً: “كيف السبيل إلى الإصلاح، وهذه المشاكل المصطنعة والأزمات المفتعلة لا تبقي للمسؤولين جهداً ولا تذر لهم وقتاً لمواجهة الأخطار الخارجية المحيطة بنا أو معالجة الأخطاء التي تعرقل تقدم مسيرتنا إلى اللحاق بالركب الحضاري العالمي وتحقيق التنمية الشاملة والقضاء على مظاهر الفساد وأسبابه”.
وفي إشارة إلى أطراف الأزمة يقول: “الأزمات التي تشل البلد هي من صنع أبنائنا توسمتم فيهم خيراً”، و”هناك من يتعمد وضع العصا في الدواليب وعرقلة المسيرة ويصر على فرض إرادته ورايته على الجميع محاولاً تكريس قيم ومفاهيم غريبة على مجتمعنا ممعنا في التطرف والتهور… ويتخذ من الشوارع والساحات منبراً للإثارة والشحن والتحريض”.
أما المرحلة التنفيذية من الخطاب فتأتي عبر الكلمات التالية: “وجهت الحكومة بإعداد مرسوم بقانون بإنشاء اللجنة الوطنية للانتخابات، وتنظيم الحملات الانتخابية، ومرسوم بقانون بشأن نبذ الكراهية وحماية الوحدة الوطنية، ومرسوم بقانون بشأن مكافحة الفساد، وهي في طريقها للصدور”.
وأخيراً تأتي كلمات سموه بالروح الأبوية فيقول: “أخاطبكم كأب مسؤول عن أسرته وأبنائه فكل الكويتيين أبنائي”… وتأتي أيضا نصيحة من القلب حول ما يجري من التباس يجمع الخير والشر فيقول: “إن هناك خطاً فاصلاً يتوجب على الجميع إدراك أبعاده واحترام حدوده يفرق بين الخير والشر، وبين الحرية والفوضى، وبين النصيحة الصادقة والبذاءة والتجريح، وبين سيادة القانون وشريعة الغاب، وبين الحراك الإيجابي البناء والاقتياد وراء معاول الهدم والتخريب”.
كلمات أخي القارئ من القلب إلى القلب تحمل مشاعر الحزن والعتب الرغبة في الإصلاح. وتلقي بالملفات الخاصة بمكافحة الفساد وإصلاح القانون الانتخابي على عاتق الحكومة… فهل تستطيع الحكومة أن تبني عوامل الثقة بينها وبين السلطة التشريعية ومنظمات المجتمع المدني لتنفيذ الإصلاح الانتخابي والقضاء على الفساد؟ أتمنى ذلك.

كلمة أخيرة:

ماذا بعد المسيرة السلمية؟ أتمنى التهدئة من جميع الأطراف ومن الحكومة بناء الثقة بينها وبين المواطن، وها قد حان الوقت لفتح بوابات التنمية لاستيعاب الشباب.
المصدر جريدة الجريدة

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.